الخامس: تضعيف العين
  وفيه نظر؛ لأن «سِرْتُهُ» قليل، و «سيرته» كثير، بل قيل: إنه لا يجوز «سرته»، وإنه في البيت على إسقاط الباء توسعاً، وقد اجتمعت التعدية بالباء والتضعيف في قوله تعالى: {نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ ٣ مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ}[آل عمران: ٣]؛ وزعم الزمخشري أن بين التعديتين فرقاً؛ فقال: لما نُزِّلَ القرآن منجماً والكتابان جملة واحدة جيء بـ «نَزَّل» في الأول و «أنزل» في الثاني، وإنما قال هو في خطبة الكشاف «الحمد لله الذي أنزَلَ القرآن كلاماً مؤلفاً منظماً، ونزله بحسب المصالح منجماً» لأنه أراد بالأول أنزله من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا وهو الإنزال المذكور في {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ١}[القدر: ١]، وفي قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}[البقرة: ١٨٥]. وأما قول القفال: إن المعنى الذي أنزل في وجوب صومه، أو الذي أنزل في شأنه، فتكلف لا داعي إليه، وبالثاني تنزيله من السماء الدنيا إلى رسول الله ﷺ نجوماً في ثلاث وعشرين سنة.
  ويشكل على الزمخشري قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً}[الفرقان: ٣٢]، فقرن نزل بجملة واحدة، وقوله تعالى: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي
  هو لخالد بن زهير ابن زهير ابن علم أبي ذؤيب الهذلي وصدره:
  فلا تجزعن من سنة أنت سرتها
  وكان أرسله أبو ذؤيب لصديقته فأفسدها عليه وكان أبو ذؤيب أفسدها على عبد الله بن عمرو قوله: (وقد اجتمعت التعدية بالباء الخ) الأولى بالهمزة والتضعيف لأنه هو الموجود في الأبيات المذكورة. قوله: (نزل عليك الكتاب بالحق) التعدية هنا بالتضعيف. قوله: (وأنزل التوراة) التعدية هنا بالهمزة قوله: (أن بين التعديتين) أي: التعدية بالهمزة والتعدية بالتضعيف. قوله: (منجماً) أي: مفرقاً أجزاء قوله: (والكتابان) أي: التوراة والإنجيل. قوله: (جيء بنزل في الأول) أي: المقتضي للتنجيم بخلاف أنزل بدون تضعيف فإنها تقتضي أن الفعل حصل مرة. قوله: (وإنما قال الخ) جواب عما يقال إذا كان القرآن نزل منجماً والفعل المضعف يفيد التنجم فما باله عبر في خطبة كشافه بأنزل القرآن هلا قال نزل. قوله: (ويشكل الخ) جوابه أن محل كون نزل المضعف مفيداً للتدريج ما لم تقم قرينة على خلافه كما هنا وهذا الجواب يفيده كلام الزمخشري حيث قال في هذه الآية نزل هنا بمعنى أنزل لا غير كخبر بمعنى أخبر وإلا كان متدافعاً. يعني لأن نزل للتدريج، وجملة واحدة تنافيه فظهر أن ما قلناه مراده وحينئذ فلا إشكال. قوله: (وقوله تعالى وقد نزل عليكم في الكتاب الخ) يعني أن هذه الآية الواردة في سورة النساء ترد على الزمخشري أيضاً، وذلك لأنه قد ورد فيها نزل المضعف بالبناء للفاعل في قراءة عاصم وبالبناء للمفعول في قراءة غيره وأن مخففة من الثقيلة واسمها أما ضمير الشأن على رأي