حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الجهة الأولى:

صفحة 182 - الجزء 3

  الثاني: قوله تعالى: {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي}⁣[مريم: ٥] فإن المتبادر تعلقُ «مِنْ» بـ «خفْتُ»، وهو فاسد في المعنى، والصوابُ تعلقه بالموالي، لما فيه من معنى الولاية، أي: خفت ولايتهم من بعدي وسُوءَ خِلافتهم، أو بمحذوف هو حال من «الموالي» أو مضاف إليهم أي: كائنين من ورائي، أو فِعْلَ الموالي من ورائي؛ وأما من قرأ {خَفَّتِ} بفتح الخاء وتشديد الفاء وكسر التاء - فـ «من» متعلّقة بالفعل المذكور. الثالث: قوله تعالى: {وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ}⁣[البقرة: ٢٨٢] فإن المتبادر تعلق «إلى» بـ «تكتبوه»، وهو فاسد؛ لاقتضائه استمرار الكتابة إلى أجل


  عطف مصدر مؤول على اسم خالص من التأويل بالفعل أي لن أدع القتال ولا أدع شهود الهيجاء. قوله: (وإني خفت الموالي) أي: الذين يلوني في النسب كبني العم، وقوله من ورائي أي من بعدي أي من بعد موتي على الدين أن يضيعوه كما شاهدته في بني إسرائيل من تبديل الدين قوله: (وهو فاسد) وجه الفساد أن الخوف واقع في الحال لا فيما يستقبل فلو جعل من ورائي متعلقاً بخفت لزم أن يكون الخوف واقعاً في المستقبل أي بعد موته وهو ظاهر الفساد اهـ دماميني قوله: (لما فيه من معنى الولاية) أي: فهو في قولة المشتق.

  قوله: (أو مضاف إليهم) أي: أو ان ذلك المحذوف مضاف إلى الموالي فقوله أو مضاف إليهم عطف على قوله إما حال قوله: (أي كائنين من ورائي) لف ونشر مرتب، وقوله فعل الموالي أي فالمعنى إني خفت فعل الموالي قوله: (أو فعل الموالي) هو تبديلهم وسوء خلافتهم قوله: (وأما من قرأ) هو عثمان بن عفان ومحمد بن علي وعلي بن الحسين وزيد بن ثابت وابن عباس وسعيد بن العاصي والوليد بن مسلم قوله: (وكسر التاء) أي: لأجل الخلوص من التقاء الساكنين قوله: (متعلقة بالفعل) أي: بناء على أن قوله من ورائي معناه من قدامي فالمعنى انه ذهبت الموالي من قدامي ودرجوا ولم يبق منهم من يقوي الدين فهب لي الخ. قوله: (متعلقة بالفعل المذكور الخ) اعلم إنه على قراءة التشديد إن كان من ورائي معناه من بعدي كان متعلقاً بالموالي أي إن الموالي الذين يأتون بعدي خفوا وقلوا وعجزوا عن إقامة الدين فهب لي ولياً يقويهم، وإن كان معناه من قدامي فهو متعلق بخفت والمعنى إني خفت الموالي أي قلت من قدامي أي انه رأى الموالي التي قلت بين يديه فطلب من الله غلاماً والرابط للجملة هو الياء من قوله ورائي هذا كله إذا كان خفت مشددة فإن كانت مخففة فهو ما ذكره المصنف قبل إذا علمت هذا تعلم أن قول المصنف فمن متعلقة بالفعل المذكور مبني على أن. من ورائي معناه من قدامي اهـ تقرير در دير.

  قوله: (الثالث الخ) جعل فيه أمثلة ثلاثة لأن التوجيه فيها واحد. قوله: (أن تكتبوه) أي: الدين حال كونه صغيراً أي قليلاً أو كثيراً قوله: (استمرار الكتابة إلى أجل) أي: لأن