حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الجهة الأولى:

صفحة 186 - الجزء 3

  يعلم المكان المستحق للرسالة، لا أن علمه في المكان؛ فهو مفعول به، لا مفعول فيه، وحينئذ لا ينتصب بـ «أعلم» على قول بعضهم بشرط تأويله بـ «عالم»، والصواب انتصابه بـ «يعلم» محذوفاً دلّ عليه «أعلم».

  السابع: قوله تعالى: {فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ}⁣[البقرة: ٢٦٠] فإن المتبادر تعلق «إلى» بـ «صرهن»، وهذا لا يصح إذا فُسِّرَ «صُرْهُنَّ» بـ «قطْعُهُنَّ»، وإنما تعلقه بـ «خُذُ»؛ وأما إن فُسِّر بأمِلْهُنَّ فالتعلق به؛ وعلى الوجهين يجب تقدير مضاف، أي: إلى نفسك؛ لأنه لا يتعدى فعل المضمر المتصل إلى ضميره المتصل إلا في باب «ظنَّ»، نحو: {أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى ٧}⁣[العلق: ٧]. {فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ}⁣[آل عمران: ١٨٨] فيمن ضم الباء، ويجب تقدير هذا المضاف في نحو: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ}⁣[مريم: ٢٥]، {وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ}⁣[القصص: ٣٢]، {أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ}⁣[الأحزاب: ٣٧] وقوله [من المتقارب]:

  هَوْنْ عَلَيْكَ فَإِنَّ الأمُورَ ... بِكَفِّ الإلهِ مُقادير


  قوله: (يعلم المكان المستحق للرسالة) المراد بالمكان ذات الرسول قوله: (لا ان علمه) في المكان أي ذات الرسول قوله: (لا مفعول فيه) قد يقال لو قيل إن المراد يعلم الفضل الذي هو في محل الرسالة لم يبعد وفيه إبقاء حيث على ما عهد من ظرفيتها والمعنى أنه تعالى لن يؤتيكم مثل ما آتى رسله من الآيات لأنه يعلم ما فيهم من الزكاة والطهارة والفضل والصلاحية للإرسال ولستم كذلك اهـ دماميني. قوله: (وحينئذ) أي: وحين إذ كان مفعولاً به. قوله: (فلا ينتصب بأعلم) لأن أفعل التفضيل لا ينصب المفعول به. قوله: (إلا على قول بعضهم) أي: القائل أن أفعل التفضيل ينصب المفعول به. قوله: (والصواب الخ) مقابله قول بعضهم السابق. قوله: (إذا فسر صرهن بقطعهن) أي: لأن قطع لا يتعدى بإلى وهذا تفسير لصرهن على قراءة الضم يقال صرت الشيء بمعنى قطعته قوله: (وإنما تعلقه بخذ) أي: وحينئذ ففي الآية تقديم وتأخير فكأنه قيل خذ إليك أربعة من الطير فصرهن قوله: (ان فسر بأملهن) هذا تفسير لقراءة الجر ويصح تفسير للقراءة بالرفع به. قوله: (أي إلى نفسك) أي: فالواقع مفعولاً حينئذ إنما هو النفس لا الضمير المتصل. قوله: (فعل المضمر) أي فعل الفاعل المضمر قوله: (إلى ضميره المتصل) أي: لأن المجرور وهو الضمير في إليك مفعول في المعنى قوله: (إلا في باب ظن) أي: وما حمل عليه من فقد وعدم فلا يقال الحصر منقوض بفقد وعدم. قوله: (يحسبنهم) أي: بالياء التحتية. قوله: (فيمن ضم الباء) أي: وأما من فتحها ففاعل الفعل ضمير مستتر لواحد والمفعول ضمير الجماعة فلم يتعد فعل الضمير لضميره بل لضمير غيره. قوله: (وهزي إليك) أي: إلى نفسك وكذا تقول فيما بعده.