الجهة الأولى:
  وقوله [من الطويل]:
  وَدَعْ عَنْكَ نَهْباً صِيحَ في حَجَرَاتِهِ ... [وَلَكِنْ حَدِيثاً مَا حَدِيثُ القُوَاعِلِ]
  قوله: «حَجَراته» بفتحتين أي: نواحيه وقول ابن عصفور إن «عن» و «على» في ذلك اسمان كما في قوله [من الطويل]:
  غُدَتْ مِنْ عَلَيْهِ بَعْدَ مَا تَمْ ظِمْؤُهَا ... [تَصِلُ، وَعَنْ قَيْضِ بِزَيْزَاء مَجْهَلِ]
  وقوله [من الكامل]:
  فلَقَدْ أَرَانِي لِلرماح دَرِيئةً ... مِنْ عَنْ يَميني مَرَّةً وَأَمَامِي
  دفعاً للمحذور المذكور وهم؛ لأن معنى على الاسمية: «فَوْقُ»، ومعنى «عن» الاسمية: «جانب»، ولا يَتَأتيان هنا، ولأن ذلك لا يَتَأتى مع «إلى»، لأنها لا تكون اسماً.
  الثامن: وقوله تعالى: {يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ}[البقرة: ٢٧٣] فإن المتبادر تعلّق «من» بـ «أغنياء» لمجاورته له ويُفْسِده أنهم متى ظَنَّهُمْ ظان قد استغنوا من تعففهم علم أنهم فقراء من المال؛ فلا يكون جاهلاً بحالهم، وإنما هي متعلقة بـ «يحسب»، وهي للتعليل.
  التاسع: قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ
  قوله: (وقوله) أي: قول امرئ القيس وتمام البيت:
  ولكن حديث ما حديث الرواحلِ
  قوله: (وقول ابن عصفور) أي: في الجواب عن عدم تقدير النفس وحاصله أنا نجعل عن وعلى اسمعين وحينئذ فلا نحتاج لتقدير المضاف قوله: (وهم) خبر عن قول ابن عصفور وهذا الرد لأبي حيان ولم ينسبه له المصنف وفي النفس من ذلك شيء لأنه حيثما يمر له أدنى غلط يصرح بالرد عليه ويبالغ فيه، وإذا ذكر له كلام ما حسناً فيورد غير منسوب إليه وما حق أبي حيان إلا أن يتمثل بقول القائل:
  إن يسمعوا سبة طاروا بها فرحاً ... عني وما سمعوا من صالح دفنوا
  اهـ دماميني قوله: (لا يتأتى مع إلى) أي: كما في قوله تعالى: {وَهُزِّي إِلَيْكِ}[مريم: ٢٥]. قوله: (لمجاورته له) أي: لمجاورة من الأغنياء قوله: (علم أنهم فقراء من المال) أي: وأنهم استغنوا بالتعفف قوله: (فلا يكون جاهلاً بحالهم) أي: بل عالم بأنهم فقراء وحينئذ فيخالفه يحسبهم الجاهل أي عن حالهم. قوله: (متعلقة بيحسب) أي: والمعنى يظنهم الجاهل من أجل تعففهم أغنياء قوله: (ألم تر إلى الملا) أي: ألم ينته