حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (أم) - على أربعة أوجه:

صفحة 132 - الجزء 1

  واعلم أن هذا البيت اشتمل على لَحَنات استعمال «أحاد» و «سُدَاس» بمعنى «واحدة» و «ست»، وإنما هما بمعنى: «واحدة واحدة» و «ست ست»، واستعمال «سداس» وأكثرهم يأباه، ويخص العدَدَ المَعْدول بما دون الخمسة، وتصغير «ليلة» على «لييلة»، وإنما صغرتها العربُ على «لُيَيْلِيَة» بزيادة الياء على غير قياس، حتى قيل: إنها مبنية على «ليْلاَة» في نحو قول الشاعر [من الرجز]:

  ٦١ - [يا وَيْحَهُ مِنْ جَمَل ما أشقاه!] ... في كلِّ مَا يَوْمِ وَكلَّ لَيْلاهْ


  قوله: (على لحنات) بفتح الحاء جمع لحنة بسكونها واللحن هو الخطأ والخروج عن طريقة العرب في استعمال الألفاظ. قوله: (استعمال الخ) يمكن أن يجاب بأن يقال يحتمل أن المتنبي أراد واحدة واحدة وست ست بحسب أجزاء الليلة فهو قد أخبر عن ليلة فراقه للأحبة بأنها منقسمة إلى واحدة واحدة أي أن كل جزء منها بمثابة ليلة واحدة، ثم رأى أنها أطول من ذلك فأضرب واستفهم هل هي باعتبار الأجزاء منقسمة إلى ست ست هذا إن جعلت منقطعة، وإن كانت متصلة فالمعنى طلب التعيين لأحد هذين الأمرين، فلم يخرج العدد المعدول عن استعماله في معناه، أو يقال إن محصل ما ألزم به استعمال الكل في الجزء وهو مجاز وهو لا يشترط سماع شخصه. قوله: (وأكثرهم يأباه) قد يقال إن أبا الطيب كوفي ومذهبهم جواز ذلك للعشرة.

  قوله: (ويخص العدد المعدول) أي إلى فعال ومفعل قوله: (بما دون الخمسة) فيه أن مثل هذه لا يعد لحناً؛ لأنه ليس بخارج عن كلام العرب قطعاً لوجود النقل من كثيرين من كلامهم ولو كانت مخالفة الأكثرين لحناً لزم أن يلحن كثير من العلماء الذاهبين إلى ما لم يقل به غير القليل. قوله: (بزيادة الياء على غير قياس) أي: وكذا زادوها في الجمع فقالوا ليالي كما قالوا في الكيكه وهي البيضة كييكية وكياكي. قوله: (حتى قيل) غاية تفريع على خفاء بنائها على لييلية الذي تضمنه مخالفة القياس. قوله: (قيل أنها) أي: لييلية مبنية تصغير ليلاة لا ليلة فأبدلت الألف في الصغير ياء لوقوعها بعد كسرة. قوله: (مبنية على ليلاة) أي: الواقعة في نحو الخ وقوله مبنية إنما عبر بذلك؛ لأن المصغر مبني على المكبر. قوله: (في كل ما يوم الخ) صدره.


٦١ - التخريج: الرجز لدلم أبو زغيب في (لسان العرب ١٢/ ٢٠٤ (دلم)؛ وتاج العروس (دلم)؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ١/ ١٢٣؛ والخصائص، ١/ ٢٦٧، ٣/ ١٥١؛ والدرر ٦/ ٢٨١؛ وشرح شافية ابن الحاجب ١/ ٢٧٧، ٢/ ٢٠٦؛ وشرح شواهد الإيضاح ص ٤١١؛ وشرح شواهد الشافية ص ١٠٢، وشرح شواهد المغني ١/ ١٥٠؛ ولسان العرب ٢/ ٣٣٥ (عوج)، ١١/ ٦٠٧ (ليل)؛ والمحتسب ١/ ٢١٨؛ وهمع الهوامع ٢/ ١٨٢).

اللغة يا ويحه، ويا ويله، ويا ويبه: كلمات رحمة يراد بها التنبيه على الخطأ، وتقال لمن تحبه ولمن تبغضه.

المعنى: أعجب لشقاء هذا الجمل في كل أيامه ولياليه.