حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الجهة الرابعة

صفحة 221 - الجزء 3

  {وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ ٤}⁣[ص: ٤]، وقيل: مذكور؛ فقال الأخفش {إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ}⁣[ص: ١٤]؛ وقال الفراء وثعلب {ص} لأن معناها: صَدَقَ الله، ويرده أن الجواب لا يتقدَّم، فإن أريد أنه دليل الجواب فقريب، وقيل {كَمْ أَهْلَكْنَا}⁣[ص: ٣] الآية، وحذفت اللام للطول.

  وأما {ثُمَّ آتَيْنَا}⁣[الأنعام: ١٥٤] فعطف على {ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ}⁣[الأنعام: ١٥١]، وثم لترتيب الأخبار، لا لترتيب الزمان، أي: ثم أخبركم بأنا آتينا موسى الكتاب.

  وأما {وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ}⁣[القمر: ٣] فمبتدأ حُذِفَ خبره، أي: وكل أمر مستقر عند الله واقع، أو ذكر، وهو {حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ}⁣[القمر: ٥]، وما بينهما اعتراض؛ وقولُ بعضهم الخبر {مُسْتَقِرٌّ} وخفض على الْجِوَارِ حمل على ما لم يثبت في الخبر.

  وأما {وَفِي مُوسَى}⁣[الذاريات: ٣٨] فعطف على {فِيهَا} من {وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ٣٧}⁣[الذاريات: ٣٧].

  الثاني: قولُ بعضهم في {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}⁣[البقرة: ١٥٨]: إن الوقف على {فَلَا جُنَاحَ}، وإن ما بعده إغراء ليفيد صريحاً مطلوبيَّة التطوف بالصَّفَا والمزوة، ويردُّه أن إغراء الغائب ضعيف، كقول بعضهم وقد بلغه أن إنساناً يُهَدِّدَهُ:


  كما قالوا أي كما قال كفار مكة من تعدد الإله. قوله: (بدليل وقال الكافرون هذا ساحر كذاب) أي: إلى آخره لأن محل الدلالة قوله بعد اجعل الآلهة إلهاً واحداً حيث قال لهم قولوا لا إله إلا الله أي كيف يسع الخلق كلهم إله واحد قوله: (لأن معناه صدق الخ) هذا بناءً على أن هذه الحروف الواقعة في أوائل السور ليست مما استأثر الله بعلمه وهو خلاف الصحيح قوله: (لا لترتيب الزمان) أي: لأن زمن إيصاء الله المخاطبين من أمة النبي بما تقدم ذكره متأخر عن زمن نزول التوراة على موسى لا متقدم عليه. قوله: (عند الله واقع) أي: واقع عند الله فعند خبر مقدم وقوله واقع مبتدأ مؤخر فالخبر المحذوف جملة. قوله: (أو ذكر) عطف على حذف قوله: (وخفض على الجواز) أي: لمجاورته الأمر المجرور بسبب الإضافة. قوله: (فعطف على فيها من وتركنا) أي: فالمعنى وتركنا في موسى أي جعلنا في قصة موسى آية ثم بينها بقوله إذ أرسلناه الخ.

  قوله: (وتركنا فيها آية) أي: جعلنا في قرى لوط بعد إهلاك الكافرين آية أي علامة على إهلاكهم للذين يخافون العذاب الأليم فلا يفعلون مثل فعلهم. قوله: (وإن ما بعده) أي: وهو قوله عليه أن يطوف بهما وقوله إغراء أي طلب وأمر بحث أي على الحاج والمعتمر أن يطوف بهما أي يلزمه ذلك قوله: (مطولبية التطوف) أي: السعي بين الصفا والمروة لأنه بدون هذا ربما يتوهم أن التطوف بهما ليس مطلوباً بل مباح فقط مع انه ركن.