حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الجهة الرابعة

صفحة 223 - الجزء 3

  الثالث: قول بعضهم في {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ}⁣[الأحزاب: ٣٣] إن {أَهْلَ} منصوب على الاختصاص؛ وهذا ضعيف، لوقوعه بعد ضميرِ الخطاب مثل «بك اللَّهَ نَرْجُو الْفَضَل»، وإنما الأكثر أن يقع بعد ضمير التكلم كالحديث «نَحْنُ مَعَاشِرَ الأَنبِيَاء لا نُورَثُ» والصواب أنه مُنَادَى.

  الرابع: قول الزمخشري في {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا}⁣[البقرة: ٢٢] إنه يجوز كونُ {تَجْعَلُوا} منصوباً في جواب الترجي أعني {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}⁣[البقرة: ٢١، ١٨٣] على حد النصب في قراءة حفص {فَأَطَّلِعَ}⁣[غافر: ٣٧]، وهذا لا يجيزه بَصْرِي؛ ويتأوَّلون قراءة حفص: إما على أنه جواب للأمر وهو {ابْنِ لِي صَرْحًا}⁣[غافر: ٣٦]، أو على العطف على الأسباب، على حد قوله [من الوافر]:

  ولُبْسُ عَبَاءةٍ وتَقرَّ عَيْنِي ... [أحب إلي مِنْ لُبْسِ الشَّفُوفِ]

  أو على معنى ما يقع موقع أبلغ، وهو: أن أَبْلُغَ، على حد قوله:

  «وَلا سَابِقٍ شَيئا»

  ثم إن ثبت قول الفرّاء إن جواب الترجي منصوب كجواب التمني فهو قليل، فكيف تخرج عليه القراءة المُجْمَع عليها.


  محذوف وكلاهما مشكل لأن المحرم الإشراك لا عدمه وإن الأوامر الواردة بعد ذلك معطوفة على لا تشركوا وفيه عطف الإنشاء الخبر وجعل المعاني الواجبة المأمور بها محرمة فيحوج ذلك إلى التأويل بإدعاء أن لا زائدة لا نافية والمعنى على القول بالإغراء حسن سالم من تلك التكلفات كلها وعطف الأوامر على المحرمات باعتبار حرمة أضدادها وجعل الخبر السابق إنشاء معنى والمعنى عليكم أن لا تشركوا به شيئاً أي الزموا ترك الشرك به، وقد مر الكلام على ذلك في لا من حرف اللام قوله: (فلا تجعلوا الله أنداداً) لا ناهية وتجعلوا مجزوم بلا الناهية وهذا الإعراب هو الوجيه قوله: (في جواب الترجي) أي: ولا نافية وقوله في جواب الترجي أي على مذهب الكوفيين المجوزين للنصب في جواب الترجي. قوله: (على حد قوله ولبس عباءة) أي: فهو من عطف الفعل المضارع على المصدر الصريح. قوله: (موقع أبلغ) أي: فهو من العطف على التوهم أي توهم أن موجودة. قوله: (ولا سابق) أي: فهو عطف على معنى ما يقع موقع مدرك في قوله:

  بدا لي أني لست مدرك ما مضى

  ولا سابق الخ والذي يقع موقع مدرك بمدرك. قوله: (قول الفراء) أي: الذي هو كوفي، وقوله إن جواب أي من أن جواب بيان لقول الفراء أي إن ثبت قول الفراء مع من وافقه من الكوفيين وإلا فهو ليس منفرداً بهذا القول قوله: (فهو قليل) أي: فنصب جواب