حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الجهة الخامسة:

صفحة 237 - الجزء 3

  أنا؛ والجواب أنه إنما انفصل مع الوصف لئلا يجهل معناه، لأنه يكون معه مستتراً، بخلافه مع الفعل فإنه يكون بارزاً كـ «قمتُ» أو «قمتَ»؛ ولأن طلب الوصف لمعموله مع دون طلب الفعل؛ فلذلك احتمل معه الفَضْلَ؛ ولأنَّ المرفوع بالوصف سَدَّ في اللفظ مَسَدَّ واجب الفصل وهو الخبر، بخلافِ فاعل الفعل. ومما يُقْطَع به على بطلان مذهبهم قوله تعالى: {أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي}⁣[مريم: ٤٦]، وقول الشاعر [من الطويل]:

  ٧٩٥ - خَلِيليَّ مَا وَافٍ بِعَهْدِيَ أَنْتُمَا ... [إِذَا لَمْ تَكُونَا لِي عَلَى مَنْ أُقَاطِعُ]

  فإن القول بأن الضمير مبتدأ كما زعم الزمخشري في الآية مُؤَدُّ إِلى فَضْلِ العامل


  قوله: (والجواب الخ) حاصله أنه إنما لم يجب الوصل في الوصف؛ لأنه لو وصل لاستتر الضمير، ولو استتر لم يعلم مرجعه هل للمتكلم أو للمخاطب بخلاف الضمير الذي في الفعل، فإنه لو اتصل لبرز ولم يستتر ففرق بين الوصف والفعل فقولهم في التوجيه لا فرق بين الوصف والفعل لا يسلم اهـ تقرير دردير قوله (لئلا يجهل معناه) أي: المراد منه من كونه ضمير متكلم أو مخاطب قوله: (احتمل معه) أي: اغتفر معه الفصل. قوله: (مسد واجب الفصل) أي: فلذا جاز فصله قوله: (بخلاف فاعل الفعل) أي: فإنه ليس واجب الفصل.

  قوله: (ومما يقطع به على بطلان مذهبهم) أي: من وجوب الابتدائية بالضمير وذلك لأن الضمير في الآية والبيت يمنع جعله مبتدأ قوله: (مؤد الخ) قال الدماميني ليس هذا مما يقطع به على بطلان مذهبهم أما الآية فلأن قوله عن آلهتي يحتمل أنه متعلق بفعل محذوف، أي: ترغب عن آلهتي وأما البيت فلأن الخبر يحتمل أن يكون الجملة الشرطية مع جوابها المحذوف المدلول عليه بالنفي، أي: أنتما إذا لم تكونا لي فما واف بعهدي موجود؛ لأن غيركما بالأولى وحيث كانت الآية والبيت محتملين لما ذكر فلا يتم ذكره المصنف من أنهما قاطعان ببطلان مذهب الكوفيين وأجاب الشمني بأن مراد المصنف بالقطع الظن الغالب وحينئذ فلا يقدح فيه احتمال غير ذلك ولا شك أن غالب الظن في الآية تعلق عن آلهتي براغب وفي البيت أن المعنى إذا لم تكونا لي على من أقاطعه فأنتما وافيان بعهدي قوله: (فصل العامل) أعني راغب وقوله من المعمول أعني الهتي وقوله: بالأجنبي أعني المبتدأ لما علمت سابقاً أن الأجنبي ما ليس معمولاً لما قبله ومن المعلوم


٧٩٥ - التخريج: البيت بلا نسبة في (أوضح المسالك ١/ ١٨٩؛ وتخليص الشواهد ص ١٨١؛ والدرر ٢/ ٥؛ وشرح الأشموني ١/ ٨٩؛ وشرح التصريح ١/ ١٥٧؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٨٩٨؛ وشرح قطر الندى ص ١٢١؛ والمقاصد النحوية ١/ ٥١٦؛ وهمع الهوامع ١/ ٩٤).

اللغة والمعنى: خليلي: صديقي.

يقول: يا خليلي لن تكونا وفتين بعهدكما إذا لم تنصراني على مَنْ أخاصم أو أعادي.