حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

النوع الثاني

صفحة 272 - الجزء 3

  قال: وهذا معنى قول سيبويه اهـ.

  وفيما قاله نظر؛ لأن الذي يؤوّله النحويون بالحاضر والمشار إليه إنما هو اسم الإشارة نفسه إذا وقع نعتاً، كـ «مررتُ بزيدِ هَذَا» فأما نعت اسم الإشارة فليس ذلك معناه، وإنما هو معنى ما قبله، فكيف يجعل معنى ما قبله تفسيراً له؟

  وقال الزمخشري في {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ}⁣[الأنعام: ١٠٢]: يجوز كون اسم الله تعالى صفة للإشارة أو بياناً، و «ربّكم» الخبر، فجوز في الشيء الواحد البيان والصفة، وجوز كونَ العَلَم نعتاً، وإنما العلم يُنعت ولا يُنعت به وجوز نعت الإشارة بما ليس معرفاً بلام الجنس، وذلك مما أجمعوا على بطلانه.

  النوع الثاني: اشتراطهم التعريف لعطف البيان ولنعت المعرفة، والتنكير للحال، والتمييز؛ وأفعَلَ «مِنْ»، ونعتِ النكرة.

  ومن الوَهَم في الأوَّلِ قولُ جماعة في صديد من {مَاءٍ صَدِيدٍ ١٦}⁣[إبراهيم: ١٦]، وفي {طَعَامُ مَسَاكِينَ} من {كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ}⁣[المائدة: ٩٥] فيمن نون «كفارة»:


  الرجل دون غيره من الأشياء. قوله: (وفبما قاله نظر) والجواب عنه أنه فسر بالحاضر أخذاً أل لا من اسم الإشارة ولا يتم كلام المصنف إلا لو كان التأويل أخذناه من معنى من الإشارة والحاضر هو المشار إليه فصح تفسيره بالمشار إليه، واحتيج لذلك التأويل ليصح كونه نعتاً وبالجملة فما قاله ابن عصفور هو المناسب فعند جعله نعتاً يؤول بالمشتق وعند جعله بياناً لا يؤول إلا أن اشتراط ابن عصفور الأعرفية في البيان لا تسلم. قوله: (فليس ذلك معناه) يقال هو معناه أيضاً أتى من أل التي للعهد الحضوري والنعت لا بد من تأويله فالجامد بيان لذاته نعت لتأويله. قوله: (فجوز في الشيء الواحد البيان والصفة) أي: وجواب ابن عصفور السابق لا يتأتي هنا؛ لأن أل في الله صارت جزءاً من العلم لا أنها للتعريف. قوله: (وجوز كون العلم الخ) أجيب عن ذلك بأنه لاحظ الأصل قبل العلمية والغلبة فهو بمنزلة ذلكم المعبود وحينئذ فاندفع هذا وما بعده وقد أجازوا تعلق الظرف بالاسم الشريف في قوله تعالى: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ}⁣[الأنعام: ٣] على معنى وهو المعبود فإذا صاغ لهم تأويله بذلك الأجل التعلق فلم لا يجوز مثله لأجل الوصل.

  قوله: (اشتراطهم التعريف لعطف البيان) أي: فعطف البيان لا بد أن يكون معرفة؛ لأن النكرة غير بينة في نفسها فكيف تبين غيرها، وفيه أن النكرات تتفاوت في الوضوح فتبين النكرة غير الواضحة بالواضحة على أنهم قالوا يجوز أن يتضح المراد بالمجموع وأن يكون عطف البيان للمدح قوله: (والتنكير للحال والتمييز) أي: ولغير ذلك فيشمل خبر لا التبرئة والمضاف إذ لا يكون إلا نكرة كما يأتي له قوله: (في الأول) أي: ما يشترطون