النوع الثاني
  إنهما عَطْفًا بيان، وهذا إنما هو معترض على قول البصريين ومَنْ وافقهم؛ فيجب عندهم في ذلك أن يكون بدلاً، وأما الكوفيون فيرَوْنَ أن عطف البيان في الجوامد كالنعت في المشتقات، فيكون في المعارف والنكرات، وقولُ بعضهم في «ناقع» من قول النابغة [من الطويل]:
  ٨٠٧ - [فَبِتُ كأني سَاوَرَتْنِي ضَئِيلَةٌ] ... مِنَ الرُّقْشِ في أَنْيَابِهَا السَّمْ نَاقِعُ
  إنه نعت لـ «السم»، والصواب أنه خبر لـ «السم»، والظرف متعلق به، أو خبر ثان.
  وليس من ذلك قول الزمخشري في {شَدِيدُ الْعِقَابِ}[البقرة: ١٩٦، غافر: ٣]: إنه يجوز كونه صفة لاسم الله تعالى في أوائل سورة المؤمن، وإن كان من باب الصفة المشبهة، وإضافتها لا تكون إلا في تقدير الانفصال، ألا ترى أن {شَدِيدُ الْعِقَابِ}
  فيه التعريف أعم من عطف البيان ونعت المعرفة قوله: (إنما هو معترض) أي: بكونه نكرة والبيان لا يكون نكرة قوله: (على قول البصريين) أي: المشترطين لكون البيان معرفة. قوله: (فيكون في المعارف والنكرات) أي كما أن النعت كذلك والتحقيق مذهب الكوفيين. قوله: (من الرقش الخ) صدره:
  فبت كأني ساورتني ضئيلة
  وقوله: ساورتني أي عانقتني والضئيلة الحية الدقيقة، والرقش: جمع رقشاء وهي من الحيات المنقطة بسواد وبياض، والناقع والبالغ في القتل. قوله: (أنه نعت للسم) أي: وهو خطأ لأن نعت المعرفة لا يكون إلا معرفة وأجيب عنه بأن السم في معنى النكرة؛ لأن أل للجنس والمعرف بها في حكم النكرة قوله: (وليس من ذلك) أي: من الخطأ في الأول. قوله: (كونه صفة لاسم الله تعالى) أي: فيرد عليه أن شديد صفة مشبهة وإضافتها غير محضة لأنها دائماً من إضافة الوصف لمعموله وإضافته إلى معموله دائماً غير محضة والإضافة الغير المحضة لا تفيد تعريفاً فيلزم وصف المعرفة بالنكرة. قوله: (في أوائل الخ) أي: الواقع في أوائل الخ. قوله: (وإضافتها لا تكون الخ) أي: فلا تكون
٨٠٧ - التخريج البيت للنابغة الذبياني في (ديوانه ص ٣٣؛ وخزانة الأدب ٢/ ٤٥٧؛ والحيوان ٤/ ٢٤٨؛ والدرر ٦/ ٩؛ وسمط اللآلي ص ٤٨٩؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٩٠٢؛ والكتاب ٢/ ٨٩؛ ولسان العرب ٤/ ٥٠٧ (طور)، ٥/ ٢٠٢ (نذر)، ٨/ ٣٦٠ (نقع)؛ والمقاصد النحوية ٤/ ٧٣؛ وبلا نسبة في شرح الأشموني ٢/ ٣٩٤؛ وهمع الهوامع ٢/ ١١٧).
اللغة: ساورتني: وثبت علي رقشاء أفعى ضئيلة حية صغيرة شديدة السم.
المعنى: فبت خائفاً لا أستطيع النوم، كمن خاف أفعى خفية شديدة السم، تثب عليه في أي لحظة.