حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الجهة السادسة

صفحة 276 - الجزء 3

  «إنها متعلقة بليس» قد يُرَدُّ بأنها لا تدلُّ على الحدث عند من قال في أخواتها إنها تدلّ عليه، ولأن فيه فَضلاً بين أفعل وتمييزه بالأجنبي، وقد يجاب بأن الظرف يتعلق بالوهم، وفي «ليس» رائحة قولك: انتفى، وبأن فَضل التمييز قد جاء في الضرورة في قوله [من المتقارب]:

  ٨٠٩ - عَلَى أِنني بَعْدَ مَا قَدْ مَضَى ... ثَلاثُونَ لِلْهَجْر حَوْلاً كَمِيلاً

  و «أَفْعَل» أقْوَى في العمل من «ثلاثون».

  ومن الوهم في الثاني قولُ مكي في قراءة ابن أبي عَبْلة {فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ}⁣[البقرة: ٢٨٣] بالنصب: إن {قَلْبُهُ} تمييز والصوابُ أنَّه مشبه بالمفعول به كـ «حسن وَجْهَه»، أو بَدَل من اسم «إن». وقولُ الخليل والأخفش والمازني في «إياي» و «إِيَّاك»، و


  قوله: (قدير بأنها لا تدل على الحدث عند من قال في أخواتها أنها تدل عليه) ليس لهذا الظرف مفهوم مخالفة حتى يكون المعنى أنها تدل على الحدث عند من لم يقل في أخواتها أنها تدل عليه فإن هذا قول لا وجود له، وإنما هو قولان أحدهما أن أخوات ليس دالة على الحدث الثاني أنها غير دالة عليه، وأما ليس فلا دلالة لها عليه قولاً واحداً، فإن قلت فما فائدة التقييد إذن التنبيه على أن انتفاء تعلق الظرف بليس عند من لا يقول بأن أخواتها تدل على الحدث من باب أولى فهو مفهوم موافقة اهـ دماميني.

  قوله: (بالأجنبي) أي: والفصل بين المميز والتمييز لا يجوز. قوله: (يتعلق بالوهم) أي: بما يتوهم فيه رائحة الفعل قوله: (للهجر) متعلق بمضى وحولاً تمييز للعدد وهو ثلاثون. قوله: (وأفعل أقوى في العمل) أي: لأنه وصف وثلاثون جامد وكل منهما عامل في التمييز لأنه هو المميز والمميز ينصب التمييز لمشابهته الفعل من حيث إن كلاً طالب لما يعمل فيه قوله: ابن أبي عبلة بالعين المهملة والباء الموحدة. قوله: (تمييز) أي: فهو وهم لاشتراط تنكير التمييز وقلبه معرفة ويمكن أن هذا القائل مشى على طريقة الكوفيين من جواز تعريف التمييز. قوله: (والصواب أنه مشبه بالمفعول به) أي: ويكون آثم على هذا صفة مشبهة بما جاء على صيغة فاعل كقوله:

  من صديق أو أخ ثقة ... أو عدو شاحط داراً

  قوله: (وقول الخليل) هذا عطف على قول مكي وإنما جعل هذا من الوهم في


٨٠٩ - التخريج: البيت للعباس بن مرداس في (ديوانه ص ١٣٦؛ وتهذيب اللغة ١٠/ ٢٦٦؛ وأساس البلاغة (كمل)؛ وكتاب العين ٥/ ٣٧٩؛ وبلا نسبة في لسان العرب ١١/ ٥٩٨ (كمل)؛ وتاج العروس (كمل)).

اللغة: الحول: السنة أو العام. كميلاً كاملاً.

المعنى: يقول: مع أنه قد مضى على هجرك لي ثلاثون عاماً كاملاً فما زلت أذكرك وأحن إليك.