حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الجهة السادسة

صفحة 298 - الجزء 3

  فيمن رفع «مشيها» وذلك عند الجماعة مبتدأ حذف خبره وبقي معمول الخبر، أي: مشيها يكون وئيداً أو يوجد وئيداً؛ ولا يكون بدل بعض من الضمير المستتر في الظرف كما كان فيمن جرَّه بدل اشتمال من الجمال؛ لأنه عائد على «ما» الاستفهامية، ومتى أبدل اسم من اسم استفهام وجب اقترانُ البدلِ بهمزة الاستفهام، فكذلك حكم ضمير الاستفهام، ولأنه لا ضمير فيه راجع إلى المبدل منه.

  ومن ذلك قول بعضهم من بيت الكتاب [من الطويل]:

  [صَدَدْتِ فَأَطْوَلتِ الصُّدُودَ وَقَلْمَا] ... وِصَالٌ عَلَى طُولِ الصُّدُودِ يَدُومُ

  إن «وصال» مبتدأ، والصواب أنه فاعل بـ «يدوم» محذوفاً مفسراً بالمذكور؛ وقول آخر في نحو: «آتيك يومَ زيداً تلقاه»: إنه يجوز في «زيد» الرفع بالابتداء، وذلك خطأ عند سيبويه؛ لأن الزمَنَ المبهم المستقبل يحمل على «إذا» في أنه لا يضاف إلى الجملة الاسمية؛ وأما قوله تعالى: {يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ}⁣[غافر: ١٥ - ١٦] فقد مضى أنّ


  تأن قوله: (بدل من الضمير المستتر في الظرف) أي: أي شيء ثبت هو للجمال فهو عائد على الشيء. قوله: (ولأنه لا ضمير فيه) أي: وبدل البعض لا بد فيه من رابط يعود على المبدل منه قوله: (في بيت الكتاب) أي: كتاب سيبويه وهذا الذي أنشده: عجز بيت للمرار وصدره:

  صددت فأطولت الصدود وقلما

  الخ. قوله: (أن وصالا مبتدأ) أي: وجملة يدوم بعده خبره وهو خلاف الصواب؛ لأن قل المكفوفة بما الزائدة لا يليها إلا الجملة الفعلية لا الاسمية وكان على المصنف أن يزيد قلما في الأول المشترط فيه الجملة الفعلية لأجل أن يبني عليه ما ذكره من الوهم. قوله: (والصواب الخ) لقائل أن يقول لم لا يجوز أن يكون هذا المعرب لوصال مبتدأ مبني على أن ما في البيت مصدرية لا كافة كما ذهب إليه بعضهم وعلى أن ما المصدرية توصل بالجملة الاسمية كما صرح به في التسهيل قاله الدماميني قال الشمني وأقول لما لم يذكر هذا القائل أنه مبني على مذهب ذلك البعض وعلى مذهب ابن مالك كان ظاهر كلامه أنه مبني على ما هو المعروف عند النحاة فورد عليه أنه ليس كذلك قوله: (وذلك خطأ عند سيبويه) قال الشمني: أقول أن المصنف لم يخطئ ذلك القائل مستنداً إلى قول سيبويه وإنما أخبر بأن قول هذا القائل خطأ عند سيبويه ويفهم منه أنه صواب عند غيره وبهذا يندفع الاعتراض المذكور بعد قوله: (لأن الزمان المبهم) أي: كيوم أعم من أن يكون ظرفاً أو غيره. قوله: (لا يضاف إلى الجملة الاسمية) بل لا يضاف إلا إلى الفعلية


= ٤٤٣ (وأذ)؛ وللزباء أو الخنساء في المقاصد النحوية ٢/ ٤٤٨؛ وبلا نسبة في همع الهوامع ١/ ١٥٩). شرح المفردات: السير الوئيد: السير على مهل. الجندل الصخر.