الجهة السادسة
  الزمن هنا محمول على «إذ»، لا على «إذا»، وأنه لتحققه نُزِّل منزلة الماضي، وأما جواب ابن عصفور عن سيبويه بأنه إنما يوجب ذلك في الظروف؛ واليوم هنا بدل من المفعول به وهو: {يَوْمَ التَّلَاقِ ١٥} في قوله تعالى: {لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ ١٥}[غافر: ١٥] فمردود، وإنما ذلك في اسم الزَّمان ظرفاً كان أو غيره، ثم هذا الجواب لا يتأتى في قوله [من الطويل]:
  وَكُنْ لِي شَفِيعاً يَوْمَ لاَ ذُو شَفَاعَةٍ ... بِمُغْنِ فَتِيلاً عَنْ سَوَادِ بْنِ قَارِبِ
  ومن الوهم أيضاً قول بعضهم في قوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ}[البقرة: ١٩٦] بعد ما جزم بأنَّ {مَنْ} شرطية: إنه يجوز كون الجملة الاسمية معطوفة على {كَانَ} وما بعدها، ويردُّه أنَّ جملة الشرط لا تكون اسمية، فكذا المعطوف عليها، على أنه لو قَدَّر «مَنْ» موصولة لم يصح قوله أيضاً، لأن الفاء لا
  واعترض بأنه وان كان خطأ عند سيبويه إلا أنه صواب عند غيره وهو قول مشهور وإذا كان صواباً عند غير سيبويه فيمكن أن المعرب مقلد لذلك القول القوي فالحق أن هذا الإعراب ليس وهماً. قوله: (وأما قوله الخ) هذا وارد على قول سيبويه، فإن. قد أضيف في الآية للجملة الاسمية. قوله: (فقد مضى ان الزمن) أي: اسم الزمن. قوله: (محمول على إذ لا على إذا) أي: فلما حمل على إذ جازت إضافته للجملة الاسمية قوله: (وإنه لتحققه) هذا علة لحمله على إذ قوله: (نزل منزلة الماضي) أي: الموضوع له إذ فلذا صح حمله عليها. قوله: (بأنه إنما يوجب ذلك) أي: إضافة الزمن المبهم للجمل الفعلية. قوله: (في الظروف) أي: فيما إذا وقعت أسماء الزمن المبهمة ظروفاً، أي: وليس كلامه في الطلق الزمن المبهم سواء كان ظرفاً أو لا. قوله: (وإنما ذلك) أي: كلام سيبويه. قوله: (ثم هذا الجواب) أي: جواب ابن عصفور، وإنما لم يتأت؛ لأن. يوم هنا ظرف قطعاً، وأضيف إلى الجملة الاسمية فلا يجاب عنه إلا بالجواب الأول من أنه نزل المستقبل وهو يوم القيامة منزلة الماضي لتحققه فهو حينئذ محمول بعد التنزيل على إذ وهي تضاف إلى الجملة الاسمية وقد يقال يمكن تخرجه على حذف يكون أي: يوم لا يكون ذو شفاعة بمغن فتيلاً فتكون الإضافة للجملة الفعلية وحينئذ فتم جواب ابن عصفور فيه.
  قوله: (كون الجملة الاسمية) أعني أو به أذى قوله: (على أنه) أي: ذلك البعض القائل بما تقدم من أن أو به أذى من رأسه عطف على الفعلية المتقدمة لو قدر من موصولة لاشتراطية لم يصح قوله المذكور. قوله: (على أنه لو قدر من موصولة) أي: وجعلت مبتدأ لم يصح قوله أيضاً، أي: بأن يجعل أو به أذى عطف على كان وإنما لم يصح لأن المبتدأ الذي هو الموصول أعني من كان خبره قوله ففدية والموصول لا يقرن خبره بالفاء إلا إذا كانت صلته فعلية؛ لأن الموصول الواقع مبتدأ لا يشبه الشرط إلا إذا كان صلته كذلك وهنا الموصول صلته جملة اسمية بالنظر للجملة المعطوفة وحاصل الجواب عن هذا