حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الجهة السادسة

صفحة 300 - الجزء 3

  تدخل في الخبر إذا كانت الصلة جملة اسمية؛ لعدم شبهه حينئذ باسم الشرط، وقول ابن طاهر في قوله [من الوافر]:

  ٨١٨ - فَإِنْ لا مَالَ أُعْطِيهِ فَإِنِّي ... صديق من غُدُو أَوْ رَوَاحِ

  وقول آخرين في قول الشاعر [من الطويل]:

  وَنُبُئتُ لَيْلَى أَرْسَلَتْ بِشَفَاعَةٍ ... إِلَيَّ، فَهَلاَّ نَفْسُ لَيْلَى شَفِيعُهَا

  إن ما بعد «إنْ»: «لا»، و «هَلاً» جملة اسمية نابَتْ عن الجملة الفعلية، والصواب أن التقدير في الأولى: فإن أكُنْ، وفي الثانية فَهَلاً كان، أي: الأمر والشأن، والجملة الاسمية فيهما خبر.

  ومن ذلك قول جماعة منهم الزمخشري في {وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ


  الاعتراض والذي قبله أنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع فقد قالوا رب رجل وأخيه مع امتناعهم من أن يقولوا رب أخيه وقال الشاعر:

  إن تركبوا فركوب الخيل عادتنا ... أو تنزلون فإنا معشر نزلُ

  قال يونس: أراد وأنتم تنزلون فعطف الجملة الاسمية على جملة الشرط وهذا عين ما نحن فيه قوله: (وقول ابن طاهر) عطف على قول بعضهم قوله: (ان ما بعد إن لا الخ) حاصله أنه يقول أن إن شرطية، ولا نافية للجنس ومال اسمها وجملة أعطيه خبرها وجملة لا واسمها وخبرها شرط لأن وجملة فإني صديق جواب إن وهذا وهم؛ لأن جملة الشرط لا تكون اسمية. قوله: (وهلا) حاصله أن هلا حرف تحضيض ونفس مبتدأ مضاف إليه ما بعد وشفيعها خبر المبتدأ وهذا وهم؛ لأن حرف التحضيض لا يليه إلا الجملة الفعلية. قوله: (فإن أكن) أي: فالجملة الاسمية خبر كان المحذوفة الواقعة شرطاً. قوله: (فهلا كان) أي: وحينئذ فالجملة الاسمية خبر لكان المحذوفة مع اسمها ضمير الشأن. قوله: (أي الأمر والشأن) هذا تفسير للضمير المستتر في كان قوله: (ومن ذلك) أي: ومن الوهم في الأول المشترط فيه الجملة الفعلية. قوله: (قول جماعة. منهم الزمخشري) فيه أن هذا ليس وهماً وذهولاً عن القاعدة، بل هم مصرحون بجواز وقوع الاسمية جواباً للو وهو مذهب لهم اختاروه فليس تخريجهم عليه غلطاً فالأولى في الرد عليهم والصواب خلاف قولهم في أصل المسألة وينصب الدليل على ذلك اهـ دماميني.


٨١٨ - التخريج: البيت بلا نسبة في (شرح شواهد المغني ٢/ ٩١٢).

اللغة: الغدو: جمع غدوة، وهي ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس. الرواح: من الزوال إلى الليل.

المعنى: إن كنت لا أملك مالاً أجود به، وأكتسب بفضله الأصدقاء، فعندي وسيلة أخرى وهي أن أصل الأصدقاء صباحاً ومساءً.