حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الجهة السادسة

صفحة 309 - الجزء 3

  متعلقاً بـ «أسْرَى»؛ لئلا يخلُوَ ما عُطِف على مجرور «رُبَّ» من صفة؛ قال: وأما قوله [من الطويل]:

  فَيَا رُبَّ يَوْمِ قَدْ لَهَوْتُ وَلَيَلَةٍ ... بِآنِسَةٍ كَأَنَّهَا خَطُ تَمْثَالِ

  فعلى أن صفة الثاني محذوفة مدلول عليها بصفة الأول، ولا يتأتى ذلك هنا، وقد يجوز ذلك هنا، لأن الإراقة إتلافٌ، فقد تجعل دليلاً عليه.

  ومن الثاني فاعِلاً «نعم» و «بئس» والأسماء المتوغلة في شبه الحرف إلا «مَنْ» و «ما» النكرتين فإنهما يوصفان، نحو: «مَرَرْتُ بِمَنْ مُعْجِب لَكَ، وَبِمَا مُعْجِبٍ لَكَ»؛ وأَلْحَقَ بهما الأخفش «أيا»، نحو: «مَرَرْتُ بأيِّ مُعْجب لك»، وهو قوي في القياس، لأنها معربة؛ ومن ذلك الضمير وجوز الكسائي نَعْتَه إن كان لغائب والنعت لغير


  وبكسر الراء العطاء وهرقته أرقته أبدلت الهمزة هاء بمعنى صببته وسرى جمع أسير والمعشر جماعة من الناس والإقيال ان كان بالمثناة الفوقية فهو جمع قيل بكسر القاف وهو العدو، وإن كان بالمثناة التحتية فهو جمع قيل بفتح القاف وسكون الياء وهو الملك مطلقاً؛ وقيل: الملك من ملوك حمير، وقيل: هو دون الملك الأعلى سمي به؛ لأنه يقول ما شاء فينفذ ومعنى البيت أنه حصل منه في ذلك اليوم عطاء كثير وإحسان جم، أو رب قدح كبير لسيد كان يطعم فيه الناس صببته في ذلك اليوم لا يستطيع صاحبه الدفع عنه أو كنى بذلك عن قتله، واعلم أن قول أبي علي أنه لا يصلح تعلق من معشر بأسرى مبني على شيئين أحدهما أن مجرور رب الظاهر لا بد من وصفه كما ذكر المصنف وهو مذهب المبرد وابن السراج والفارسي و وأكثر المتأخرين، وخالف فيه الأخفش والفراء والزجاج وابنا طاهر وخروف والثاني أن حكم المعطوف حكم المعطوف عليه، وقد عرفت أن الثواني يغتفر فيها ما لا يغتفر في الأوائل فكلا الوجهين المستند إليهما قابل للمنازعة. قوله: (فقد تجعل دليلاً عليه) أي: والمعنى وأسرى أتلفتهم أو قتلتهم. قوله: (ومن الثاني) أي: ما اشترط فيه عدم الوصل. قوله: (والأسماء المتوغلة في شبه الحرف) أي: الأسماء المبنية لمشابهتها للحرف. قوله: (لأنها معربة) أي: والمعرب لا يكون متوغلاً في شبه الحرف فلذا وصفت. قوله: (ومن ذلك) أن من الأسماء المتوغلة في شبه الحرف الضمير وإنما يوصف؛ لأن الضمير المتكلم والمخاطب أعرف المعارف والأصل في وصفها أن يكون للتوضيح وتوضيح الواضح تحصيل الحاصل وأما وصف مفيد للمدح أو الذم فلم يستعمل فيهما؛ لأنه امتنع فيهما ما هو الأصل في وصف المعارف ولم يوصف ضمير الغائب؛ لأن مفسره في الأغلب لفظي فصار بسببه واضحاً غير محتاج للتوضيح المطلوب في وصف المعارف الأغلب أو أنه حمل على ضمير المتكلم والمخاطب؛ لأنه من جنسهما. قوله: (وجوز الكسائي نعته الخ) كما في قوله تعالى: {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}⁣[آل عمران: ٦] ونحو: مررت به المسكين والجمهور يحملون مثل هذا على البدل اهـ شمني قوله: (والنعت لغير التوضيح) أي: بأن كان