الثالث: قول بعضهم
  أن لا يقع على المفعولين صريحاً، بل على «أنّ» وصلتها، ولم يقع في التنزيل إلا كذلك.
  ومثله في هذا الحكم تعلم» كقوله [من الطويل]:
  ٨٣٥ - تَعَلَّمْ رَسُولَ اللَّهِ أَنَّكَ مُدْرِكِي ... [وأنَّ وَعِيداً مِنْكَ كَالأُخذِ بِالْيدِ]
  ومن القليل فيهما قوله [من الخفيف]:
  ٨٣٦ - زَعَمَتْنِي شَيْخَاً وَلَسْتُ بِشَيْخ ... [إِنَّمَا الشَّيْخُ مَنْ يَدِبُّ دَبِيبَا]
  قوله: (في التنزيل إلا كذلك) أي إلا على أن وصلتها قوله: (ومثله في هذا) الأولى ومثله، في هذا الحكم وهو الوقوع على أن وصلتها تعلم كما في قوله وقد وجد هذا في بعض نسخ. قوله: (تعلم الخ) هو لسارية بن زنيم معتذراً للنبي ﷺ وأول القصيدة:
  تعلم رسول الله انك قادر ... على كل حي من تهام ومن نجدِ
  تعلم رسول الله انك مدركي ... فإن وعيداً منك كالأخذ باليدِ
  تعلم بأن ركب إلا عويمر ... هم الكاذبون المخلفو كل موعد
  ونبي رسول الله أني هجوته ... فلا رفعت سوطيـ إذا يدي
  وما حملت من ناقة فوق ظهرها ... أبر وأوفى ذمة من محمد
  قوله: (تعلم الخ) أي: فتعلم ليس واقعاً على المفعولين بل واقع على أن وصلتها فهي سادة مسد المفعولين قوله: (ومن القليل فيهما) أي في زعم وتعلم. قوله: (زعمتني شيخاً) أي: فزعم واقعة على صريح المفعولين وقوله: زعمتني شيخاً الخ هو لأبي أمية أوس الحنفي وبعده:
  إنما الشيخ من يدب دبيبا
  إنما الشيخ من يستره الحي ... ويمشي في بيته محجوبا
٨٣٥ - التخريج البيت ملفق من بيتين لأسيد بن أبي الهذلي في (شرح أشعار الهذليين ٢/ ٦٢٧؛ وبلا نسبة في شرح الأشموني ١/ ١٥٨).
اللغة والمعنى: مدركي: تبلغني. الوعيد: التهديد.
يقول: إنك يا رسول الله ستدركني أينما حللت لأن وعيدك لا بد حاصل.
٨٣٦ - التخريج: البيت لأبي أمية أوس الحنفي في (الدرر ١/ ٢١٤ (سقط من الطبعة، وهو في الفهرس برقم ٥٧٥) وشرح التصريح ١/ ٢٤٨؛ وشرح شواهد المغني ص ٩٢٢؛ والمقاصد النحوية ٢/ ٣٩٧؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك ٢/ ٣٨؛ وتخليص الشواهد ص ٤٢٨؛ وشرح الأشموني ١/ ١٥٦؛ وشرح قطر الندى ص ١٧٢).
اللغة والمعنى: زعمتني: ظنتني. دب دبيباً: مشى بتثاقل وبطء.
يقول: إنّها ظنتني شيخاً عاجزاً ولست بذلك لأنّ الشيخ هو ذلك الضعيف الذي يتثاقل في مشيه.