حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الجهة العاشرة: أن يخرج على خلاف الأصل، أو على خلاف الظاهر، لغير مقتض

صفحة 355 - الجزء 3

  مكشوفة الرأس، وإنما تُمْدَحُ النّساء بالخفّر والتصون، لا بالتبدل، مع أن رأى المذكورة بصرية.

  قلت: الصواب عندي أن الصَّلاة لغةٌ بمعنى واحد، وهو العَطْفُ، ثم العطف بالنسبة إلى الله سبحانه وتعالى الرحمة وإلى الملائكة الاستغفار، وإلى الآدميين دعاء بعضهم لبعض؛ وأما قولُ الجماعة فبعيد من جهات، إحداها: اقتضاؤُه الاشتراك والأصل عدمُه لما فيه من الإلباس، حتى إن قوماً نَفَوْهُ، ثم المثبتون له يقولون: متى عارضه غيره مما يُخَالِف الأصل كالمجاز قُدِّم عليه؛ الثَّانية: أنا لا نعرف في العربية


  قوله: (بالخفر) هو بالخاء والفاء المتحركتين قوله: (مع أن أرى المذكورة بصرية) أي: وحينئذ فلم يتطابق الدليل والمدلول في المعنى.

  قوله: (الصواب عندي الخ) هذا الرأي هو الذي اختاره السهيلي قبل المصنف ذكره في كتابه المسمى بنتائج الفكر، فقال الصلاة كلها وإن توهم اختلاف معانيها راجعة إلى أصل واحد فلا تظنها لفظة اشتراك ولا استعارة إنما معناها العطف ويكون محسوساً ومعقولاً ثم حمل العطف بالنسبة إلى الله تعالى على الرحمة لا يتأتى على وجه الحقيقة إذ الرحمة حقيقة هي رقة القلب. قوله: (بمعنى واحد هو العطف) أي: وحينئذ فالدليل مطابق للمحذوف في آية الأحزاب لفظاً ومعنى قوله: (بمعنى واحد الخ) هذا القول هو المناسب لسياق الآية وذلك أن سياق الآية لإيجاب اقتداء المؤمنين بالله تعالى والملائكة في الصلاة على النبي وتأسيهم بهم فيما ذكر، وحينئذ فلا بد من اتحاد معنى الصلاة في الجميع إذ لا ارتباط في أن يقال إن الله يرحم النبي وملائكته يستغفرون له يا أيها الذين آمنوا ادعوا الله له لما في هذا الكلام من غاية الركاكة والانفكاك فعلم أنه لا بد من اتحاد الصلاة لأجل ارتباط، الكلام ولما رأى بعضهم هذا التزم أن الصلاة معناها الدعاء مطلقاً فالمراد أن الله يدعو ذاته بإيصاله الخبر للنبي ثم من لوازم هذا الدعاء الرحمة هذا محصل ما قاله الشمني نقلاً. عن صدر الشريعة في توضيحه وقد يقال إن اعتبار المشاركة في مطلق الاعتناء والتعظيم أسهل من هذا أو في وفي مطلق العطف كما قال المصنف. قوله: (وهو العطف) أي: الحنو. قوله: (قول الجماعة) أي: إن الصلاة من الله الرحمة الملائكة التضرع ومن الآدميين الدعاء. قوله (لما فيه من الإلباس) أي: لتعدد الوضع. قوله: (نفوه) أي: قالوا بعدم وجوده. قوله: (قدم عليه) يعني وإذا حملت الصلاة على معنى كلي وهو العطف كان ذلك من قبيل التواطؤ أو التشكيك وهو أولى من الاشتراك والمجاز وجوابه أن ذلك إنما يكون أولى إذا دار اللفظين الثلاثة من غير دليل مقتض لأحدها بخصوصه، أما إذا دل الدليل على الاشتراك أو المجاز بخصوصه فإنه يتعين وقد دل الدليل هنا أن الصلاة مشتركة بين المغفرة والاستغفار لتبادر الذهن إليه عند الإطلاق اهـ دماميني قوله: (أنا لا نعرف في العربية الخ) قال الدماميني: بل ذلك