حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الجهة العاشرة: أن يخرج على خلاف الأصل، أو على خلاف الظاهر، لغير مقتض

صفحة 356 - الجزء 3

  فعلاً واحداً يختلفُ معناه باختلافِ المسند إليه إذا كانَ الإسناد حقيقيا؛ والثالثة: أن الرحمة فعلُها مُتَعَدِّ والصّلاة فعلُها قاصر، ولا يحسن تفسير القاصر بالمتعدي؛ والرابعة: أنه لو قيل مكان «صلى عليه» دَعَا عليه انعكس المعنى، وحَقُّ المترادفين صحة حلول كل منهما محل الآخر.

  وأما آية القيامة فالصوابُ فيها قول سيبويه إن {قَادِرِينَ} حال، أي بلى نجمعها قادرين، لأن فعل الجمع أقرب من فعل الحسبان، ولأن بلى إيجاب للمنفي وهو في الآية فعل الجمع؛ ولو سلم قولُ الفراء فلا يسلم أن الحسبان في الآية ظن، بل اعتقاد وجزم، وذلك لإفراط كفرهم.

  وأما قولُ المعرب في البيت فمردود، وأحوال الناس في اللباس والاحتشام مختلفة، فحالُ أهل المَدَر يخالف حال أهل الوبر، وحال أهل الوَبرِ مختلف، وبهذا أجاب الزمخشري عن إرسال شعيب عليه الصلاة والسلام ابنتيه لسقي الماشية؛ وقال:


  معروف يقال أرض الرجل بمعنى أرعد أو زكم وأرض الجذع بمعنى أكلته الأرضة وهي دويبة تأكل الخشب ومنه كثأ بمثلثة وهمزة فإن أسندته إلى اللبن كان معناه ارتفع فوق الماء وإن أسندته إلى النبت كان معناه طلع أو غلظ طال، وإن أسندته إلى القدر كان معناه أزبد ومنه قمؤ إن أسندته للرجل كان معناه ذل وصغر وإن أسندته لشيء من الماشية كان معناه سمن ومن تتبع الأفعال في اللغة وجد من هذا القبيل شيئاً كثيراً أ هـ. قوله: (فعلها متعد) فيقال رحم الله زيداً. قوله: (ولا يحسن الخ) فيه أنه شائع. قوله: (صحة حلول كل منهما محل الآخر) في هذه المسألة وهي أنه هل يجب صحة إقامة كل واحد من المترادفين مكان الآخر ثلاثة مذاهب أحدها أنه غير واجب واختاره الإمام والثاني أنه واجب مطلقاً واختاره ابن الحاجب وعليه اعتمد المصنف، والثالث التفضيل فإن كانا لغة واحدة وجب وإلا فلا واختاره البيضاوي والصفي الهندي والمسألة مبسوطة بأدلتها في أصول الفقه. قوله: (بلى نجمعها قادرين) أي: وليس مفعول ثانياً ليحسبنا محذوفاً قوله: (من فعل الحسبان) أي: أن فعل الجمع أقرب لقادرين في العبارة من فعل الحسبان فيكون هو الدليل على عامله المحذوف. قوله: (وهو) أي: المنفي في الآية فعل الجمع أي فيكون بلى أثباتاً له فيكون المقدر نجمعها قوله: (وذلك) أي: جزمهم واعتقادهم أن لن يجمع الله عظام الإنسان بعد موته لإفراط أي شدة كفرهم. قوله: (وأما قول المعرب في البيت) أي: أن ترى المقدرة قلبية وقوله فمردود بل هي بصرية كالمذكورة. قوله: (فحال أهل المدر) أي: البناء واحده مدرة تطلقها العرب على القرية قوله: (الوبر) أي: الخيش وقوله وحال أهل الوبر مختلف فمنهم من يرى كشف رأس المرأة ابتذالاً ومنهم من لا يراه ابتذالاً. قوله: (عن إرسال شعيب) أي عن اقتضاء إرساله لهما عدم المروءة وحاصل ما قاله الزمخشري