التنبيه الثاني
  العادات في مثل ذلك متباينة، وأحوال العرب خلافُ أحوال العجم.
  الشرط الثاني: أن لا يكون ما يُحْذَف كالجزء، فلا يُحذف الفاعل، ولا نائبه، ولا مُشْبهه. وقد مضى الرد على ابن مالك في مرفوع أفعال الاستثناء؛ وقال الكسائي وهشام والسهيلي في نحو «ضَرَبني وَضَرَبْتُ زيداً»: إن الفاعل محذوف لا مضمر؛ وقال ابن عطية في {بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا}[الجمعة: ٥]: إنَّ التقدير: بئس المثل مثل القوم، فإن أراد أن الفاعل لفظ المثل محذوفاً فمردود، وإن أراد تفسير المعنى وأن في «بئس» ضمير المثل مستتراً فأين تفسيره؛ وهذا لازم للزمخشري فإنه قال في تقديره: بئس مثلاً! وقد نص سيبويه على أن تمييز فاعل «نعم» و «بئس» لا يُحذف،
  إن قلت كيف ساغ لنبي الله شعيب أن يرضى لابنتيه بسقي الماشية قلت الأمر في نفسه ليس بمحظور فالذين لا يأباه، وأما المروءة فالناس مختلفون في ذلك والعادات متنافية وأحوال العرب فيه خلاف أحوال العجم ومذهب البدو فيه خلاف مذهب الحضر اهـ كلامه. قوله: (لسقي الماشية) أي: فقال إنهم عرب وليس هذا عندهم مخلاً بالمروءة. قوله: (الشرط الثاني) أي: من شروط الحذف الثمانية قوله: (ولا مشبهه) أي: ولا مشبه الفاعل وهو اسم كان قوله: (على ابن مالك في مرفوع أفعال الاستثناء) أي: القائل إنها محذوفة وإن نحو قام القوم خلا زيداً تقديره خلا بعضهم زيداً فالفاعل لفظ بعض محذوفاً وجوباً. قوله: (وقال الكسائي وهشام الخ) شبهتهم في ذلك قول الشاعر:
  وهل يرجع التسليم أو يكشف العنا ... ثلاث الأثافي والديار البلاقعُ
  وذلك أنه على تقدير إعمال الثاني يجب أن يقول يرجعن وعلى تقدير إعمال الأول يجب أن يقول يكشفن ولم يقل ذلك فلزم حذف الفاعل، إما من الأول أو من الثاني اهـ دماميني. قوله: (إن الفاعل) أي: لضربني وقوله محذوف أي دل عليه المذكور. قوله: (أن الفاعل لفظ المثل محذوفاً) أي: وأن مثل القوم هو المخصوص وقوله فمردود أي لأن الفاعل لا يحذف قوله: (فأين تفسيره) يعني فليس هنا تفسير للضمير ويجب إذا كان فاعل نعم بئس ضميراً مستتراً أن يفسر بنكرة منصوبة على التمييز فأقام المصنف السؤال عن مكان التفسير مقام خلو ذلك المكان عن التفسير إقامة للمسبب مقام السبب شمني. قوله: (وهذا) أي: عدم وجود التمييز المستفاد من قولنا فأين تفسيره هو ويحتمل وهذا أي ما ذكر من استتار الضمير مع حذف المميز لازم للزمخشري لأنه قدر مثلاً اهـ تقرير دردير. قوله: (وهذا لازم) الإشارة إلى ما كنى عنه المصنف بقوله فأين تفسيره وهو خلواً فاعل بئس إذا كان ضميراً من مميزاً اهـ شمني. قوله: (بئس مثلاً) أي: فتقديره مثلاً يفيد أن فاعل نعم ضمير وهذا الذي قدره يدل على الضمير فيقال عليه إن المفسر الدال على الضمير لا يحذف.
  قوله: (وقد نص سيبويه على أن تمييز فاعل نعم وبئس لا يحذف) أي: لأن الحذف