حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

باب كيفية التقدير

صفحة 381 - الجزء 3

  واللهِ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ بِجَمْعِهِمْ ... حَتَّى أُوَسُدَ فِي التُرَابِ دَفِينَا

  وقال الفارسي ومتابعوه في {وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ}⁣[الطلاق: ٤] التقدير: فعدتهن ثلاثة أشهر، وهذا لا يحسن وإن كان ممكناً، لأنه لو صرّح به اقتضت الفصاحة أن يقال: كذلك، ولا تعاد الجملة الثانية.

  إذا دار الأمر بين كون المحذوف مبتدأ وكونه خبراً فأيهما أولى؟

  قال الواسطي: الأولى كونُ المحذوف المبتدأ، لأن الخبر محطّ الفائدة. وقال العبدي: الأولى كونه الخبر، لأن التجوز في أواخر الجملة أسهل، نَقَلَ القولين ابنُ إياز.

  ومثال المسألة {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ}⁣[يوسف: ١٨، ٨٣] أي: شَأني صبر جميل، أو صبر جميل أمْثَلُ من غيره؛ ومثله {طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ}⁣[النور: ٥٣] أي: الذي يطلب منكم طاعة معلومة لا يُرْتَابُ فيها، لا إيمان باللسان لا يُواطئه القلبُ؛ أو طاعتكم معروفة، أي: عُرف أنها بالقول دون الفعل؛ أو طاعة معروفة أمْثَلُ بكم من هذه الأيمان الكاذبة.


  قوله: (والله لن يصلوا إليك الخ) قد مر الكلام على هذا البيت في الباب الأول في فصل لن من حرف اللام ومر أنه يحتمل أن يكون مما حذف منه الجواب للدلالة عليه بما بعده أي والله إنك لآمن على نفسك فلا دليل فيه على أن الجواب يكون جملة مصدرة بلن كما سبق اهـ. دماميني.

  إذا دار الأمر بين كون المحذوف مبتدأ وكونه خبراً فأيهما أولى

  قوله: (إذا دار الأمر) أي: لتعارض القرائن أو لحصول العرض بأيهما فلا تلزم قرينة بأحدهما على الخصوص. قوله: (الأولى كون المحذوف المبتدأ) أي: وهو الأرجح. قوله: (وقال العبدي الأولى كونه الخبر) قد يقال قد تقرر أنه لا بد في الحذف من استحضار صورة المحذوف ضرورة أنه لا حذف إلا مع قيام القرينة المرشدة إلى المحذوف، وإذا كان كذلك فكيف جاز في كلام واحد أن يقدر المسند تارة، والمسند إليه أخرى على وجوه مختلفة؛ والجواب أن فرض الكلام عند تعارض القرائن فباعتبار كل قرينة يتعين محذوف اهـ دماميني. قوله: (لأن التجوز) أي: التساهل والحذف، وقوله أسهل أي من الحذف في أولها قوله (طاعة معروفة) أي: في قوله تعالى: {قُلْ لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ}⁣[النور: ٥٣]. قوله: (الذي يطلب منكم) أي: أيها المنافقون. قوله: (لا إيمان) بكسر الهمزة يعني التصديق أي لا تصديق باللسان قوله: (أو طاعتكم الخ) هذا تنويع في تقدير المبتدأ قوله: (أو طاعة معروفة) إشارة التقدير الخبر. قوله: (الإيمان) أي: الحلف الدال عليه قوله تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ}⁣[الأنعام: ١٠٩]. قوله: