حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

باب كيفية التقدير

صفحة 382 - الجزء 3

  ولو عَرَضَ ما يوجب التعيين عُمل به، كما في «نِعْمَ الرّجُلُ زَيْد» على القول بأنهما جملتان؛ إذ لا يُحذف الخبرُ وجوباً إلا سَدَّ شيءٌ مَسَدَّه؛ ومثله «حَبَّذَا زَيْد» إذا حمل على الحذف؛ وجزَم كثيرٌ من النحويين في نحو «عَمْرُكَ» «لأَفَعَلَنَّ»، و «أَيْمُنُ اللَّهِ لأفعَلَنَّ» بأنَّ المحذوف الخبرُ؛ وجوّز ابنُ عصفور كَوْنَهُ المبتدأ، ولذلك لم يَعُدَّه فيما يجب فيه حذف الخبر، لعدم تعينه عنده لذلك، قال: والتقدير إمّا قَسَمِي أَيمُنُ اللَّهِ، أو أيْمُنُ اللَّه قَسَمٌ لي، اهـ. ولو قدرت أيْمُنُ اللهِ قسمي، لم يمتنع؛ إذ المعرفة المتأخرة عن معرفة يجب كونها الخبر على الصحيح.

  إذا دار الأمر بين كون المحذوف فعلاً والباقي فاعلاً وكونه مبتدأ والباقي خبراً، فالثاني أولى لأن المبتدأ عين الخبر؛ فالمحذوفُ عين الثابت؛ فيكون الحذف كلاً حذف، فأما الفعل فإنه غيرُ الفاعل.

  اللهم إلا أن يعتضد الأول برواية أخرى في ذلك الموضع، أو بموضع آخر يُشبهه، أو بموضع آت على طريقته.

  فالأول كقراءة شُعبة: {يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا}⁣[النور: ٣٦] بفتح الباء؛ وكقراءة ابن كثير:


  (ما يوجب التعيين) أي: تعيين المحذوف قوله: (إذ لا يحذف) علة لمحذوف أي فإنه يتعين أن يكون المحذوف هنا المبتدأ لأنه لا يحذف الخ. قوله: (على الحذف) أي: فهو محتمل لحذف المبتدأ وزيد الخبر والأصل حبذا الممدوح زيد أو الحذف الخبر، وزيد مبتدأ والأصل حبذا زيد الممدوح وهذا كله بناءً على أن حب فعل وذا فاعل لأن الحذف إنما هو على هذا القول لا على القول بأن حبذا اسم بمعنى المحبوب فإنه مبتدأ وزيد خبر ولا حذف.

  قوله: (بأن المحذوف الخبر) أي: لسد جواب القسم مسده. قوله: (لم يمتنع) أي: لم يمتنع كون قسمي خبراً قوله: (والباقي) أي: الاسم الموجود بلا حذف. قوله: (فالثاني أولى) أي: كون المحذوف مبتدأ والموجود خبراً، وذلك نحو زيد جواباً لمن قام فإن إعرابه خبراً لمبتدأ محذوف والتقدير القائم زيد أولى من إعرابه فاعلاً لفعل محذوف والتقدير قام زيد قوله: (إلا أن يعتضد الأول) أي: كون المحذوف الفعل والموجود فاعلا فإن تعضد كان أولى قوله: (أو بموضع آت على طريقته) هذا بمعنى ما قبله بدليل ما يأتي. قوله: (فالأول) أي: إذا ما اعتضد المحذوف برواية أخرى في ذلك الموضع. قوله: (يسبح له فيها) الشاهد في قوله بعد رجال أي احتمل أنه خبر والأصل هم أي المسبحون