باب كيفية التقدير
  {كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[الشورى: ٣] بفتح الحاء؛ وكقراءة بعضهم: {وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ}[الأنعام: ١٣٧] ببناء «زُيِّنَ» للمفعول، ورفع «القتل» و «الشركاء» - وكقوله [من الطويل]:
  ٨٥٣ - لِيُبْكَ يَزِيدُ، ضَارعٌ لِخُصُومَةٍ ... [ومُخْتَبِطُ مِمَّا تُطِيحُ الطَّوَائِحُ]
  له بالغدو والآصال رجال ويحتمل أنه فاعل لفعل محذوف أي يسبحه رجال وهذا أولى لأنه يعضد بقراءة كسر الباء، فإن رجال فيها فاعل قوله: (بفتح الحاء) أي: فالله العزيز الحكيم يحتمل أن يكون خبراً لمحذوف تقديره هو أي الموحي وأن يكون فاعلاً لفعل محذوف أي يوحيه الله، وهذا أولى لأنه تعضد بقراءة كسر الحاء فإنه فيها فاعل لا خبر. قوله: (ورفع القتل) أي: على أنه نائب الفاعل، وأما رفع الشركاء فمحتمل لكونه خبراً لمحذوف تقديره هم أي المنون ومحتمل لكون فاعلاً لمحذوف أي زينه شركاؤهم وهذا الثاني أولى لأنه تعضد بقراءة البناء للفاعل فإن الشركاء فيها فاعل لزين مؤخر وقتل أولادهم مفعوله مقدم. قوله: لبيك يزيد الخ) هذا صدر بيت عجزه:
  ومختبط مما تطيح الطوائح
  والبيت للحرث بن ضرار النهشلي وقيل للحرث بن نهيك وقيل لمرة بن عمر والنهشلي ويزيد المذكور في البيت هو يزيد بن نهشل والضارع الذليل الخاضع، وقوله لخصومة متعلق بضارع وإن لم يعتمد على شيء لأن الجار والمجرور يكفيه رائحة الفعل أي يبكيه من يذل لأجل الخصومة لأنه كان ملجأ وظهراً للأذلاء والضعفاء والمختبط من يأتيك للمعروف من غير وسيلة وتطيح من الإطاحة وهي الإذهاب والإهلاك والطوائح جمع مطيحة على غير قياس مطاوح، لكن جمع على حذف الزوائد كلواقح جمع ملقحة ومما
٨٥٣ - التخريج: البيت للحارث بن نهيك في (خزانة الأدب ١/ ٣٠٣؛ وشرح شواهد الإيضاح ص ٩٤؛ وشرح المفصل ١/ ٨٠؛ والكتاب ١/ ٢٨٨؛ وللبيد بن ربيعة في ملحق ديوانه ص ٣٦٢؛ ولنهشل بن حري في خزانة الأدب ١/ ٣٠٣؛ ولضرار بن نهشل في الدرر ٢/ ٢٨٦؛ ومعاهد التنصيص ١/ ٢٠٢؛ وللحارث بن ضرار في شرح أبيات سيبويه ١/ ١١٠؛ ولنهشل، أو للحارث، أو لضرار، أو لمزرد بن ضرار أو للمهلهل في المقاصد النحوية ٢/ ٤٥٤؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢/ ٣٤٥، ٧/ ٢٤؛ وأمالي ابن الحاجب ص ٤٤٧، ٧٨٩؛ وتخليص الشواهد ص ٤٧٨؛ وخزانة الأدب ٨/ ١٣٩، والخصائص ٢/ ٣٥٣، ٤٢٤؛ وشرح الأشموني ١/ ١٧١؛ وشرح المفصل ١/ ٨٠؛ والشعر والشعراء ص ١٠٥، ١٠٦؛ والكتاب، ١/ ٣٦٦، ٣٩٨ ولسان العرب ٢/ ٥٣٦ (طوح)؛ والمحتسب ١/ ٢٣٠؛ والمقتضب ٣/ ٢٨٢؛ وهمع الهوامع ١/ ١٦٠).
شرح المفردات الضارع الخاضع والمسكين. المختبط: السائل بلا وسيلة، أو قرابة، أو معرفة. تطيح: تهلك. الطوائح: المصائب.
المعنى: يقول: فلبيك يزيد بن نهشل، لأنّ البكاء هو أقل شيء يجب عمله، فقد بكاه الذليل الخاضع كما بكاه العافي الذي أنهكته حوادث الأيام فراح يستعطي أهل السخاء.