حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

حذف الخبر

صفحة 410 - الجزء 3

  والوجه فيه أن الأصل: بمالك، ثم أنيبت الواوُ منابَ الباء قصداً للتشاكل اللفظي، لا للاشتراك المعنوي، كما قصد بالعطف في نحو: {وَأَرْجُلَكُمْ}⁣[المائدة: ٦] فيمن خفض على القول بأن الخفض للجوار؛ ونظيره «بعْتُ الشّاءَ شَاةَ وَدِرْهَماً» والأصل: شاة بدرهم؛ وقالوا: «النَّاسُ مَجْزِيُّونَ بأَعْمَالِهِمْ، إِن خَيْرٌ فَخَيْرٌ» أي إن كان في عملهم خير، فحذفت «كان» وخبرها، وقال [من الكامل]:

  ٨٦٦ - لَهْفِي عَلَيْكَ لِلَهْفَةٍ من خَائِفِ ... يَبْغِي جِوَارَكَ حِينَ لَيْسَ مُجِيرُ


  قوله: (والوجه فيه الخ) هذا التوجيه مخالف للقواعد والحق ما قاله الرضى أن الأصل أنت أعلم بحال، مالك فأنت ومالك أي مقترنان لا علقة لنا بكما فلا نشير عليك فيه بشيء فحذف بحال مالك وهو متعلق أعلم وحذف المبتدأ الثاني وهو أنت المعطوف عليه مالك لقيام القرينة عليه فصار أنت أعلم ومالك فالواو حرف عطف للمعية ومالك عطف على أنت المحذوفة وجملة فأنت ومالك عطف على الجملة الأولى، وأما قوله وأرجلكم فالحق أن الواو عاطفة على الوجوه مشركة في المعنى والإعراب والتقديري والخفض إنما جاء من الجوار لأن المجاورة تؤثر، وأما قوله ودرهماً فأصله دفعت شاة وأخذت درهماً فحذف الفعل المعطوف والمعطوف عليه فهو من الباب الآتي لا مما نحن فيه بل القول بالخفض للجوار هو دليل على أن الواو عاطفة على وجوهكم لا أنها عاطفة على الرؤوس حتى تكون الواو للتشريك اللفظي والمعنوي.

  قوله: (قصداً للتشاكل) أي: التشابه في أن كلاً من المتعاطفين مرفوع أي فالواو حرف عطف صورة في المعنى نائبة عن الباء وللتشاكل اللفظي أي في الإعراب بين أعلم ومال. قوله: (كما قصد) أي: الاشتراك المعنوي قوله: (على القول) أي: بناء على القول الخ. قوله: (ونظيره) أي نظير المثال في كون الواو نائبة فيه مناب الباء قصداً للتشاكل اللفظي قوله: (فحذفت كان وخبرها) أي: وهو محل الشاهد لأن المراد بالخبر في الترجمة المحذوف الخبر الذي للمبتدأ أو الخبر لغيره قوله: (لهفي عليك) اللهف بفتح الهاء مصدر لهف بكسر بمعنى حزن وتحسر وقولهم يا لهف فلان كلمة أيتحسر بها على ما فات والجوار بكسرها الجيم أن تعطي الرجل ذمة يكون بها جارك فتجيره اهـ شمني، وهذا يفيد أن الهاء في لهفي مفتوحة ولكن في نسخ عدة سكونها أي أتلهف عليك


٨٦٦ - التخريج: البيت للشمردل بن عبد الله الليثي في (شرح التصريح ١/ ٢٠٠؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٩٢٧؛ والمقاصد النحوية ٢/ ١٠٣؛ وللتميمي الحماسي في الدرر ٢/ ٦٣؛ وللتّيمي في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٩٥٠؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٦/ ٨٢؛ وجواهر الأدب ٢٠٥؛ وشرح الأشموني ١/ ١٢٦؛ وهمع الهوامع ١/ ١١٦).

شرح المفردات: اللهفة: التحسّر. يبغي: يريد. المجير: المعين.

المعنى: يقول: إني أتحسّر عليك تحسّر خائف يريد الاستجارة بك في وقت عزّ عليه المجير.