حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

حذف الفعل وحده أو مع مضمر مرفوع أو منصوب، أو معهما

صفحة 414 - الجزء 3

  ويُكثر في جواب الاستفهام، نحو: {لَيَقُولُنَّ الله}⁣[العنكبوت: ٦١] أي: ليقولن خلقهن الله، {مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا}⁣[النحل: ٣٠].

  وأكثر من ذلك كله حذف القول، نحو: {وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ ٢٣ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ}⁣[الرعد: ٢٣ - ٢٤] حتى قال أبو علي: حذف القول من حديث البحر قُل وَلا حَرَج.

  ويأتي حذف الفعل في غير ذلك، نحو: {انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ}⁣[النساء: ١٧١]، أي: وَأَتُوا خيراً؛ وقال الكسائي: يكن الانتهاء خيراً، وقال الفراء: الكلام جملة واحدة، و «خيراً»: نعت لمصدر محذوف، أي: انتهاء خيراً، {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ}⁣[الحشر: ٩] أي: واعتقدوا الإيمان من قبل هجرتهم؛ وقال [من الرجز]:


  قوله: (ويكثر في جواب الاستفهام) وكذا جواب النفي نحو زيد ردا على من قال ما قام أحد وبعد فعل يستلزمه نحو:

  ليبك يزيد ضارع لخصومة

  على البناء للمفعول أي يبكيه ضارع ونظم بعضهم مواضع حذف الفعل ومواضع حذف الفاعل فقال:

  عند النيابة مصدر وتعجب ... ومفرغ ينقاس حذف الفاعل

  والفعل بعد إذا وان مستلزم ... وجواب نفي أو جواب السائل

  والمراد بالتعب نحو أسمع بهم وأبصر أي بهم لكونه على صورة الفضلة كما يأتي ولا يرد نحو أغزن لأن المحذوف لعلة تصريفية كالثابت. قوله: (خلقهن الله) أي: فحذف الفعل مع الضمير المنصوب. قوله: (قالوا خيراً) أي: قالوا أنزل خيراً فحذف الفعل مع ضمير الرفع. قوله: (حذف القول) أي: حذفه إذا كان قولاً وقوله وأكثر من ذلك أي من حذفه إذا كان مفسراً أو واقعاً في جواب استفهام. قوله: (سلام عليكم) أي: يقولون سلام عليكم وسيذكر المصنف حذف الحال أنه يجوز أن يكون التقدير قائلين سلام عليكم اهـ شمني فعلى الاحتمال الثاني لا تكون الآية مما حذف فيه الفعل لكنها على كل حال مما حذف فيه القول قوله: (من حديث البحر) أي: من الحديث الذي ينقل من البحر فهو مأخوذ من أمر متسع فيكون متسعاً. قوله: (واتوا خيراً) الدليل على تقدير ائت إنك نهيت أن في الأول عن شيء ثم جئت بعده بما لا ينهى عنه بل هو مما يؤمر به فيجب أن ينتصب بائت أو أقصد أما يفيد هذا المعنى كذا قال الرضى قوله: (يكن الانتهاء خيراً) أي: فالمحذوف على هذا كان واسمها قوله (جملة واحدة) أي: لا جملتان كما هو على القولين الأولين قوله: (أي واعتقدوا الإيمان) أي: فالإيمان على هذا باق على حقيقته والعطف من قبيل عطف الجمل ويجوز أن يكون من عطف المفردات على أن يكون