حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

حذف «قد»

صفحة 421 - الجزء 3

  نَصَفَ النَّهارَ الْمَاءُ غَامِرهُ ... [ورفيقهُ بالغَيْبِ لا يَدْرِي]

  أي: انتصف النهار والحالُ أن الماء غامر هذا الغائص.

حذف «قَدْ»

  زعم البصريون أن الفعل الماضي الواقع حالاً لا بُدَّ. معه من «قد» ظاهرة، نحو: {وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ}⁣[الأنعام: ١١٩]، أو مضمرة، نحو: {أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ ١١١}⁣[الشعراء: ١١١]، {أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ}⁣[النساء: ٩٠]. وخالفهم الكوفيون، واشترطوا ذلك في الماضي الواقع خبراً لـ «كان»، كقوله عليه الصلاة والسلام لبعض أصحابه «أَلَيْسَ قَدْ صَلَّيْتَ مَعَنَا»، وقول الشاعر [من الطويل]:

  ٨٧٢ - وَكُنَّا حَسِبْنَا كُلّ بَيْضَاءَ شَحْمَةً ... عَشِيَّةَ لاقَيْنا جُذَامَاً وَحِمْيَرا


  بمعنى بلغت نصفه ففاعل نصف ضمير مستتر فيه عائد على الغائص وعلى هذا فلا يكون في البيت شاهد على حذف واو الحال إذ الجملة الحالية مشتملة على ضمير ذي الحال. قوله: (لا بد معه من قد) علل كثير هذا الحكم بأن الفعل الماضي يحتمل كل جزء من أجزاء الزمان الماضي فإذا دخلت عليه قد قربته من الحال وانتفى عنه ذلك الاحتمال فصلح للحال وهو مشكل من أن كلمة قد تقرب الماضي من الحال بمعنى الحال الذي هو زمان التكلم لا بمعنى ما يبين هيئة الفاعل أو المفعول، فإن الحال بهذا المعنى الذي فيه الكلام على حسب عاملها قد يكون ماضياً أو حالاً أو مستقبلاً فهذا غلط نشأ من استعمال لفظ الحال.

  قوله: (واتبعك) أي: وقد اتبعك قوله: (حصرت صدورهم) أي: وقد حصرت. قوله: (واشترطوا ذلك) أي: الاقتران بقد ظاهرة أو مقدرة قوله: (في الماضي الواقع خبراً لكان) أي: وإحدى أخواتها وأما الحال الماضية فلا يشترط فيها الاقتران بقد عندهم. قوله: (حسبنا) أي: قد حسبنا. قوله: (جذاما) بضم الجيم وذال معجمة قبيلة من اليمن تنزل بجبال حسمي وتزعم نسابة مضر أنهم من معد وحسمي بحاء مهملة مكسورة اسم أرض بالبادية فيها جبال شواهق ملس الجوانب لا يكاد القتال يفارقها وحميراً أبو قبيلة من


٨٧٢ - التخريج: البيت لزفر بن حارث الكلابي في (تخليص الشواهد ص ٤٣٥؛ وشرح التصريح ١/ ٢٤٩؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ١٥٥؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٩٣٠؛ والمقاصد النحوية ٢/ ٣٨٢).

شرح المفردات: حسبنا كل بيضاء شحمة: هذا مثل يضرب في شيء يختلف ظاهره عن باطنه.

جذام وحمير: من قبائل العرب.

المعنى: يقول: كنا نحسب أن الأمور تجري كما نبتغي يوم لقينا قبيلتي جذام وحمير.