حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

حذف جملة الشرط

صفحة 443 - الجزء 3

  {إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ}⁣[ص: ٦٤] وفيه بُعْد الأخفش {إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ}⁣[ص: ١٤] الفراء وثعلب {ص}⁣[ص: ١] لأن معناها صدق الله؛ ويردُّه أن الجواب لا يتقدم، وقيل: {كَمْ أَهْلَكْنَا}⁣[ص: ٣] وحذفت اللام للطول.

حذف جملة الشرط

  هو مطرد رد بعد الطلب، نحو: {فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ}⁣[آل عمران: ٣١]، أي: فإن تتبعوني يحببكم الله {فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ}⁣[مريم: ٤٣]، {رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ}⁣[إبراهيم: ٤٤].

  وجاء بدونه نحو: {إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ ٥٦}⁣[العنكبوت: ٥٦]، أي: فإن لم يتأت إخلاص العبادة لي في هذه البلدة فإياي فاعبدون في غيرها {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ}⁣[الشورى: ٩] أي: إن أرادوا أولياء بحق فالله هو الولي {أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ}⁣[الأنعام: ١٥٧] أي: إن صدقتم فيما كنتم تعِدُونَ به من أنفسكم فقد جاءكم بَيِّنَة، وإن كذبتم فلا أحد أكذب منكم فمن أظلم؛ وإنما جعلت هذه الآية من حذفِ جملة الشرط فقط - وهي من حذفها وحذف جملة الجواب - لأنه قد ذكر في اللفظ جملة قائمة مقام الجواب، وذلك يسمّى جواباً تجوزاً كما سيأتي.

  وجعل منه الزمخشري وتبعه ابن مالك بدر الدين {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ}⁣[الأنفال: ١٧]، أي: إن افتخرتم بقتلهم فلم تقتلوهم ويردُّه أن الجواب المنفي بـ «لَمْ» لا تدخل عليه الفاء.

  وجعل منه أبو البقاء {فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ ٢}⁣[الماعون: ٢]، أي: إن أردت معرفته فذلك، وهو حسن.


  أي وهي تسمى جواباً تجوزاً قوله: (يرده الخ) وأجيب بأنا لا نسلم أن الجواب هنا جملة فعلية فعلها منفي بلم بل هو جملة اسمية والتقدير فأنتم لم تقتلوهم فالاسم الداخلة عليه الفاء، وقد صرح بهذا الزمخشري حيث قال والفاء جواب شرط محذوف تقديره إن افتخرتم بقتلهم فأنتم لم تقتلوهم ولكن الله قتلهم فلا معنى للاعتراض عليه تأمل قوله: (لا تدخل عليه الفاء) أي: وحينئذ فلا يصح أن يجعل قوله تبتلوهم جواباً لشرط مقدر.