· (أما) بالفتح والتخفيف
  وهو حرف شرط وتفصيل وتؤكيد.
  أما أنها شرط فيدل لها لزومُ الفاء بعدها نحو {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ}[البقرة: ٢٦] الآية، ولو كانت الفاء للعطف لم تدخل على الخبر، إذ لا يُعْطَف الخبرُ على مُبتدئه، ولو كانت زائدة لصح الاستغناء عنها، ولما لم يصح ذلك وقد امتنع كونها للعطف تعين أنها فاء الجزاء.
  فإن قلت: قد استغني عنها في قوله [من الطويل]:
  وأيما بالعشى فيخصر أي يبرد فهو يقول رأت رجلاً فقيراً لا ثياب له فهو إذا ارتفعت الشمس برز لها يتدفأ، وإذا جاء العشى آلمه البرد.
  قوله: (وهي حرف شرط الخ) التحقيق أنها حرف إخبار نائبة عن فعل الشرط ألا إنها موضوعة للشرط، وحينئذ فالإضافة لأدنى ملابسة أي أنها حرف نائب عن الشرط، ومضمنة لمعناه ولو كانت موضوعة للشرط لاقتضت فعلاً بعدها فهي قد أغنت عن الجملة الشرطية وعن أداة الشرط وهي من أغرب الحروف لقيامها مقام أداة شرط وجملة شرطية، ولكونها نائبة عن الشرط علم أن معنى أما زيد فذاهب الإخبار بأنه سيذهب في المستقبل لأن زيداً ذاهب جواب الشرط ولا يكون جوابه إلا مستقبلاً. قوله: (إما إنها شرط الخ) إنما لم يقل أما إنها حرف شرط لأن دليله إنما يفيد الشرطية ولا يفيد الحرفية، ومفادها من خارج.
  قوله: (الآية) أي اقرأ الآية قوله: (لم تدخل على الخبر) أي: وهو يقولون ويعلمون قوله: (الصح الاستغناء عنها) أي: في بعض التراكيب وقد يقال لا يلزم من كونها زائدة صحة الاستغناء عنها فيمكن أن تكون زائدة لازمة ألا ترى إلى أل في الذي والتي على القول بزيادتها فيهما مع أنه لم يوجد بعض تراكب مستغنى عنها فيها اهـ. تقرير دردير، إلا أن يقال إن لزوم الزائدة خلاف الأصل على أن الزيادة لم تثبت في الفاء وقتاً ما بخلاف نحو أل.
  قوله: (ولما لم يصح ذلك) أي: الحكم بزيادتها قوله: (تعين أنها فاء الجزاء) أي: والجزاء إنما هو للشرط. قوله: (قد استغنى عنها الخ) أي: وفاء الجزاء لا يستغنى عنها وحينئذ فليست تلك الفاء الواقعة بعد إما للجزاء فلم تكن إما شرطية وتمام البيت:
  ولكن سيراً في عراض المواكب.
  فحذف الفاء والأصل فلا قتال وخبر لكن محذوف، أي ولكن لديكم سيراً وهذا هجو لبني أسد وبعده:
= المعنى: رأت رجلاً كثير الأسفار، يتعرّض للشمس منذ ارتفاعها، ويتابع سفره حتى حلول الظلام، فيتألم من البرد في أطرافه.