حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

حذف الكلام بجملته

صفحة 447 - الجزء 3

  زيد؟» فتقول: «نَعَمْ»، إن صَدَّقْت النفي، و «بَلَى»، إن أبطلته، ومن ذلك قوله [من الكامل]:

  ٨٨٩ - قالوا: أَخِفْتَ؟ فَقُلْتُ: إِنَّ، وخِيفَتِي ... مَا إِنْ تَزَالُ مَنُوطَةٌ بِرَجَائِي

  فإن «إِنَّ» هنا بمعنى «نَعَمْ»، وأما قوله [من مجزوء الكامل]:

  وَيَقُلْنَ: شَيْبٌ قَدْ عَلاَكَ ... وقَدْ كَبِرْتَ فَقُلْتُ: إِنَّه

  فلا يلزم كونه من ذلك، خلافاً لأكثرهم، لجواز أن لا تكون الهاء للسكت، بل اسماً لـ «إنّ» على أنها المؤكّدة والخبر محذوف أي إنه كذلك.

  الثاني: بعد «نِعْمَ» و «بِئْسَ» إذا حُذِف المخصوص، وقيل: إن الكلام جملتان، نحو: {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ}⁣[ص: ٤٤].

  والثالث: بعد حروف النداء في مثل {يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ ٢٦}⁣[يس: ٢٦] إذا قيل: إنه على حذف المنادى، أي: يا هؤلاء.


  الجواب إلا إذا كان الشرط ماضياً مرادهم لا يحذف من غير سد شيء مسده. قوله: (إن صدقت النفي) أي: فمعنى نعم حينئذ لم يقم وقوله وبلى أي وتقول بلى إن أبطلته أي المعنى بل حينئذ انه قام. قوله: (ما إن تزال) إن زائدة أي لا تزال وقوله منوطة أي معلقة اسم مفعول من قولك نطت الشيء أنوطه إذا علقته والرجاء توقع أمر محبوب ضد اليأس فهو وما دام مترجياً وقوع ما يحب خائف من عدم وقوعه. قوله: (بمعنى نعم) أي: لأنها لو كانت المؤكدة العاملة لكانت محذوفة الاسم والخبر وذلك غير جائز فيها لما صرحوا به من أن المؤكدة لا يجوز حذف جزأيها معاً اهـ تقرير شيخنا دردير قوله: (خلافاً لأكثرهم) أي: حيث قالوا إن المعنى فقلت نعم أي قد علاني فإن بمعنى نعم والهاء للسكت. قوله: (لجواز أن لا تكون الهاء للسكت) أي: وأما لو جعلت للسكت لكان منه. قوله: (وقيل إن الكلام جملتان) أي: والحال أنا قلنا إن الكلام جملتان أي نعم الرجل جملة المخصوص مبتدأ خبر محذوف أو خبر لمحذوف، وأما إذ قلنا إنه مبتدأ خبره الجملة قبله فالمحذوف جزء الكلام قوله: (نعم العبد) أي: هو أيوب. قوله: (بعد حروف النداء) أي: لأن المحذوف أدعو والمنادي.

  قوله: (إذا قيل انه على حذف المنادى) احترز بهذا عما إذا قيل إن حرف النداء إذا ولى ما ليس بمنادى يكون لمجرد التنبيه لأن الكلام حينئذ لا حذف فيه، وإنما كان هذا


٨٨٩ - التخريج البيت بلا نسبة في (خزانة الأدب ١١/ ٢١٥؛ وشرح شواهد المغني ص ٩٣٦).

اللغة: منوطة: معلقة. الرجاء التأمل والترقب لأمر مرغوب فيه. إن بمعنى نعم.

المعنى: سألوا: أساورني الخوف، فأجبت أجل، ما دام لذي الرجاء، فهما متلازمان عندي، رجاء النجاح، وخوف الفشل.