حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (أما) بالفتح والتخفيف

صفحة 157 - الجزء 1

  عنه ركعتي الطواف، ولو صلى أحد عن غيره ابتداءً لم يصح على الصحيح، وهذا قول الجمهور.

  وزعم بعضُ المتأخرين أن فاء جواب «أمَّا» لا تحذف في غير الضرورة أصلاً، وأن الجواب في الآية {فَذُوقُوا الْعَذَابَ}⁣[آل عمران: ١٠٦]، والأصْلُ: فيقال لهم ذوقوا، فحذف القول وانتقلت الفاء إلى المَقُولِ، وأن ما بينهما اعتراض، وكذا قال في آية الجاثية: {وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ}⁣[الجاثية: ٣١]، الآية، قال: أصله فيقال لهم ألم تكن آياتي ثم حذف القول وتأخرت الفاء عن الهمزة.

  وأما التفصيل فهو غالب أحوالها كما تقدَّم في آية البقرة، ومن ذلك {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ}⁣[الكهف: ٧٩]، {وَأَمَّا الْغُلَامُ}⁣[الكهف: ٨٠]، {وَأَمَّا الْجِدَارُ}⁣[الكهف: ٨٢]، الآيات، وقد يُتْرَكُ تكرارها استغناء بذكر أحد القسمين عن الآخر، أو بكلام يُذْكَرُ بعدها في موضع ذلك القسم؛ فالأول نحو: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا ١٧٤ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ


  اهـ. دماميني. قوله: (يصلي عنه) أي: فيصح بطريق التبعية. قوله: (هذا) أي: الذي قلناه في الآية. من أن الأصل فيقال فحذف القول والفاء بطريق التبعية له هو قول الجمهور. قوله: (بعض المتأخرين) هو الشيخ كمال الدين من الزملكاني كان قاضياً بالشام اهـ. سيوطي قوله: (أصلا) أي: لا تبعاً ولا استقلالاً قوله: (وإن ما بينهما) هو أكفر اعتراض لا محل له من الإعراب وعلى الأول فهو في محل رفع على إنه نائب الفاعل لفعل القول المحذوف المبني للمفعول. قوله: (وتأخرت الفاء عن الهمزة) تنبيهاً على أصاله الهمزة في التصدر كما تقدم نحو أفلم يسيروا في الأرض. قوله: (وأما التفصيل) أي: لمجمل قبلها واقع في كلام المتكلم أو حاصل في نفسه وقوله كما تقدم في آية البقرة هي قوله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا}⁣[البقرة: ٢٦] الخ وهذه يقدر فيها جمل أي فيفترق الناس أو إن المراد بالتفصيل ذكر أشياء مفصولاً كل منها عن الآخر، وإن لم يكن إجمال. قوله: (وأما التفصيل) أي: لمحمل قبلها فتكرر حينئذ. قوله: (فهو غالب) أي: لا لازم لها قوله: (ومن ذلك أما السفينة الخ) هذا تفصيل لإجمال قوله تأويل ما لم تستطع عليه صبراً. قوله: (الآيات) أتى به لتوقف الفائدة على تمام التركيب قوله (استغناء بذكر أحد القسمين عن الآخر) أي: ولا يذكر في موضع هذا الآخر كلام بل يكتفى بدلالة القرينة عليه قوله: (ذلك القسم) أي: المحذوف ولا يكون تركه إلا مع إما والفاء قوله: (قد جاءكم برهان) أي: رسول من ربكم وأنزلنا إليكم نوراً أي قرآناً يستضاء به من ظلمة الحيرة قوله: (واعتصموا به) أي: بالله أو بالبرهان أو بالنور المبين الذي هو القرآن. قوله: (في رحمة) أي: جنة منه وفضل أي