الخامس عشر: قولهم: «يجب أن يكون العامل في الحال
  كما يقول الأخفش والكوفيون والناصب للحال الاستقرار الذي تعلّق به الظرفُ.
  والثالث: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً}[المؤمنون: ٥٢] فإن {أُمَّةً} حال من معمول إن وهو {أُمَّتُكُمْ}، وناصب الحال حرف التنبيه أو اسم الإشارة، ومثله {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا}[الأنعام: ١٥٣]، وقال [من البسيط]:
  هَا بَيْناً ذَا صَرِيحُ النَّصْحِ فَأَصْغَ لَهُ ... [وطعْ فَطَاعَةُ مُهْدِ نُصْحَهُ رَشَدًا]
  العامل حرف التنبيه، ولك أن تقول: لا نُسلّم أن صاحب الحال طلل، بل ضميره المستتر في الظرف، لأن الحال حينئذ حال من المعرفة، وأما جواب ابن خروف بأن الظرف إنما يتحمَّلُ الضَّمير إذا تأخر عن المبتدأ فمخالف لإطلاقهم ولقول أبي الفتح في [من الوافر]:
  [أَلا يَا نَخْلَةٌ مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ] ... عَلَيْكِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ السَّلامُ]
  قوله: (والكوفيون) أي: لأنهم لا يشترطون الاعتماد في عمل الظرف عمل الفعل، وقوله الناصب للحال أعني موحشاً وقوله الاستقرار الذي تعلق به الظرف أي والأصل طلل كائن لمية موحشاً. قوله: (فإن أمة حال) أي: فالعامل في صاحب الحال. هو ان والعامل فيها ما في الهاء أو ذه من معنى الفعل، وقوله من معمول إن أي من خبرها. قوله: (ها بينا الخ) هذا صدر بيت عجزه:
  وطع فطاعة مهد نصحه رشد
  وقد مر إنشاد هذا البيت والكلام عليه في الباب الخامس في الجهة الخامسة في الترجمة التي نصها من الحال ما يحتمل باعتبار عامله وجهين قوله: (العامل) أي: في الحال، وأما العامل في صاحبها وهو صريح الواقع خبراً عن ذا فهو المبتدأ. قوله: (لا نسلم أن صاحب الحال طلل) أي: كما قال سيبويه بل ضميره المستتر وحينئذ فالعامل في الحال هو عامل صاحبها قوله: (لأن الحال حينئذ حال من المعرفة) هذا هو المرجح لكون موحشاً حالاً من المستتر في الظرف قوله: (وأما جواب ابن خروف) أي: عن قول من قال رداً على سيبويه لا نسلم أن موحشاً حال من طلل بل هو حال من الضمير المستتر في الظرف، وحاصله أن بعضهم رد على سيبويه فجوز أن يكون موحشاً حالاً من الضمير المستتر في الظرف فأجاب ابن خروف عن هذا التجويز بأن الظرف هنا لا مستتر فيه لأنه إنما يكون فيه مستتر إذا أخر عن المبتدأ، وأما إذا تقدم عليه فلا، ورده المصنف بأن هذه التفرقة مخالفة لإطلاقهم ولقول أبي الفتح مع عدم اعتراضهم عليه بها واعتراضهم عليه بخلافها فقوله ولقول أبي الفتح معطوف على إطلاقهم اهـ تقرير دردير. قوله: (إذا تأخر الخ) أي: وأما ان تقدم عليه فلا يتحمل ضميراً وحينئذ تعين أن يكون الحال من طلل كما قال سيبويه قوله: (لإطلاقهم) أي: إن ظاهر كلامهم تحمل الظرف للضمير تقدم على المبتدأ أو تأخر عنه. قوله: (عليك ورحمة الله الخ) هذا عجز بيت صدره: