حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

السادس عشر: قولهم «يغلب المؤنث على المذكر في مسألتين

صفحة 476 - الجزء 3

  «ضَبُعَان» في تثنية «ضَبُع» للمؤنَّث، و «ضبعان» للمذكَّر؛ إذ لم يقولوا: «ضِبْعَانَانِ»؛ والثانية: التأريخ؛ فإنهم أرَّحُوا بالليالي دون الأيام» ذكر ذلك الجرجاني وجماعة، وهو سهو، فإن حقيقة التغليب: أن يجتمع شيئانِ فيجري حُكْمُ أحدهما على الآخر، ولا يجتمع الليل والنهار، ولا هنا تعبير عن شيئين بلفظ أحدهما على الآخر، وإنما أَرخَتِ العرب بالليالي لسبقها؛ إذ كانت أشهُرُهم، قمرية والقمر إنما يطلع ليلاً؛ وإنما المسألة الصحيحة قولك: «كتبته لثلاث بين يوم وليلة» وضابطها: أن تكونَ مَعَنَا عَدَدٌ مميز بمذكر ومؤنَّث، وكلاهما مما لا يعقل، وفُصِلاً من العدد بكلمة «بين»، قال [من الطويل]:


  قوله: (ضبع للمؤنث) أي: فقد غلب الفرد المؤنث على الفرد المذكر لقلة الحروف، وحكى ابن الأنباري أنهم قالوا للمذكر ضبع كما قالوا للأنثى وعلى هذا فلا تغليب قوله: (وضبعان للمذكر) أي: فإذا رأيت ذكرين قلت ضبعانان. قوله: (إذ لم يقولوا) أي: في تثنية المذكر والمؤنث قوله: (ضبعانان) أي: حتى يكون غلب جانب المذكر قوله: (فإنهم أرخوا بالليالي دون الأيام) أي: فيقولون لخمس خلون ولا يقولون لخمسة خلت، فلما قالوا خمس بلا تاء في العدد كان ذلك ظاهراً في أنهم غلبوا الليالي. قوله: (ذكر ذلك الجرجاني) في نسخة الزجاجي.

  قوله: (وهو) أي: جعل التاريخ بالليالي من قبيل تغليب المؤنث. قوله: (أن يجتمع شيآن) أي: كمذكر ومؤنث والمراد أن يجتمعا في الوجود كما في المسألة الأولى أو في اللفظ كالمثال الآتي. قوله: (ولا يجتمع الليل والنهار) لقائل أن يقول أفي أراد لا يجتمعان في الوجود فمسلم لكن ليس مراد لأن المراد بقوله أن يجتمع شيآن الاجتماع في حكم من الأحكام وإن أراد لا يجتمعان في حكم فممنوع اهـ شمني. قوله: (ولا يجتمع الليل والنهار) الأنسب ولم تجتمع الليلة واليوم أي لم يجتمعا في اللفظ ولا في الوجود وقت التاريخ أي بحيث يكون وقت التاريخ من اليوم والليلة معاً، بل وقته إما من اليوم أو الليلة فالجزء الذي يقع التاريخ منه الحكم له اهـ تقرير دردير قوله: (إذا كانت أشهرهم الخ) تعليل لما قبله. قوله: (إنما يطلع ليلاً) أي: فسبق الليل على الأيام بهذا الاعتبار. قوله: (وإنما المسألة الصحيحة) أي: المتعلقة بالتاريخ المشتملة على تغليب المؤنث على المذكر قوله: (بين يوم وليلة) أي: ما بين يوم وليلة أي أن بعض الثلاث أيام وبعضها ليال. قوله: (وضابطها الخ) قال الدماميني هذا لا يفيد اختصاص هذه المسألة بالتاريخ فإنه يقال في غيره اشتريت عشراً من جمل وناقة وكما في البيت بل ويقع التغليب بدون هذا الضابط، ففي التنزيل: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}⁣[البقرة: ٢٣٤] والمراد وعشرة أيام بلياليهن لكن أنث لتغليب الليالي وقد علم من هذه الآية أن تغليب المؤنث لا يختص بهاتين المسألتين قوله: (وضابطها الخ) أي: