حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

[في كيفية الإعراب]

صفحة 489 - الجزء 3

  فعل ماض، و «ضرب» هذا اسم؛ ولهذا أخبر عنها بقولك: «فعل ماض»، وإنما فُتحت على الحكاية؛ يدلك على ما ذكرنا أنَّ الفعل ما دلَّ على حدث وزمان، و «ضرب» هنا لا تدلُّ على ذلك، وأن الفعل لا يخلو عَنِ الفاعل في حالة التركيب، وهذا لا يصح أن يكون له فاعل؛ ومما يوضح لك ذلك أنك تقولُ في زيد من «ضرب زيد»: «زيد» مرفوع بـ «ضَرَبَ»، أو فاعل بـ «ضَرَبَ»؛ فتُدخل الجارَّ عليه؛ وقال لي بعضهم: لا دليل في ذلك، لأن المعنى: بكلمة «ضرب»؛ فقلتُ له: وكيف وقع «ضَرَبَ» مُضافاً إليه مع أنه في ذلك ليس باسم في زعمك؟ فإن قلت فإذا كانَ اسماً فكيف أخبرتَ عنه بأنه فعل؟ قلت هو نظير الإخبار في قولك: «زيد قائم»؛ ألا ترى أنك أخبرتَ عن «زيد» باعتبار مُسماه، لا باعتبار لفظه؟ وكذلك أخبرتَ عن «ضرب» باعتبار مسمَّاه وهو «ضرب» الدال على الحدث والزمان، فهذا في أنه لفظ مسماه لفظ كأسماء السُّوَر وأسماء حروف المعجم؛ ومن هنا


  نطق به أي باللفظ لا بأسماء حروفه، وقوله أيضاً أي كما أنه ينطق به إذا كان موضوعاً على حرفين لا بأسماء حروفه كراهة الإطالة. قوله: (وضرب هذا الاسم) قال الرضى: اعلم أنه إذا قصد بكلمة اللفظ دون معناها كقوله أين كلمة استفهام وضرب فعل ماض فهي علم، وذلك لأن مثل هذا موضوع لشيء بعينه غير متناول غيره وهو منقول لأنه نقل عن مدلول هو المعنى إلى مدلول هو اللفظ اهـ شمني، واعلم ان الكلمة المبنية إذا جعلت علماً على اللفظ سواء كان ذلك اللفظ في الأصل اسماً أو فعلاً أو حرفاً فالأكثر الحكاية كقولك من يستفهم بها وضرب فعل ماض وسوف حرف استقبال ولك الإعراب فتقول مثلاً ليت حرف تمن قال الشاعر:

  ليت شعري وأين مني ليت ... إن ليتا وان لواعناءُ

  ثم إن أولته بمذكر كاللفظ فهو منصرف مطلقاً وإن أولته بالكلمة أو اللفظة فإن كان ثلاثياً ساكن الوسط كسوف وليت فهو كهند في الصرف وتركه وإن كان على أكثر أو ثلاثياً متحرك الوسط فهو غير منصرف قطعاً اهـ دماميني قوله: (يدلك على ما ذكرنا) أي: من أن ضرب اسم وقوله لا تدل على ذلك أي وإنما تدل على لفظ، وقوله ومما يوضح ذلك أي اسمية ضرب. قوله: (فتدخل الجار عليه) أي: والجار إنما يدخل على الأسماء. قوله: (قلت هو نظير الإخبار الخ) حاصله أن الإخبار عنه باعتبار مسماه لأن ضرب هذا علم على ضرب الواقعة في التركيب كضرب زيد وضرب عمرو قوله: (باعتبار مسماه) أي: هو الذات. قوله: (الذي يدل على الحدث) أي: وهو الواقع في التراكيب من ضرب زيد وضرب عمرو الخ. قوله: (مسماه لفظ) أي: وهو لفظ ضرب المسند للفاعل مثلاً وهذا وضع غير قصدي لا يوجب الاشتراك وإلا كانت جميع الألفاظ مشتركة لأن الواضع لما استحضره بنفسه عند الوضع وتضمن وضعه لنفسه أفاده السعد وتعقبه السيد بأنه يلزم في نحو جسق مهمل ثبوت وضع في المهملات فلعله يكتفي في هذا باستحضار المتكلم إلا الواضع تدبر. قوله: (كأسماء السورة وأسماء حروف المعجم) وذلك أنها ألفاظ