حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

[في كيفية الإعراب]

صفحة 492 - الجزء 3

  {يَتَرَبَّصْنَ} مبني على السكون لاتصاله بنون الإناث؛ وفي نحو {لَيُنْبَذَنَّ}: مبني على الفتح لمباشرته لنون التوكيد؛ وتقول في المضارع المعرب: مرفوع لحلوله محل الاسم؛ وتقول: منصوب بكذا، أو بإضمار «أن»، ومجزوم بكذا، ويبين علامة الرفع والنصب والجزم؛ وإن كان الفعل ناقصاً نَصَّ عليه فقال مثلاً: «كان» فعل ماض ناقص يرفع الاسم وينصب الخبر؛ وإن كان المعرب حالاً في غير محله عين ذلك: فقيل في «قائم» مثلاً من نحو: «قائم زيد»: خبر مقدم، ليعلم أنه فارق موضعه الأصلي، وليتطلب مبتدأه؛ وفي نحو {وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ}⁣[الأنفال: ٥٠]: «الذين» مفعول مقدَّم ليتطلب فاعله، وإن كان الخبر مثلاً غير مقصود لذاته قيل: خَبَرٌ موطئ؛ ليعلم أن المقصود ما بعده، كقوله تعالى: {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ٥٥}⁣[النمل: ٥٥]، وقوله [من البسيط]:

  كَفَى بِجِسْمِي نُحُولاً أَنَّنِي رَجُلٌ ... لَوْلاَ مُخَاطَبَتِي إِيَّاكَ لَمْ تَرَنِي

  ولهذا أُعيد الضمير بعد «قوم» و «رجل» إلى ما قبلهما، ومثله الحال الموطئة في نحو: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا}⁣[يوسف: ٢].

  وإن كان المبحوث فيه حرفاً بين نوعُه ومعناه وعَمَله إن كان عاملاً، فقال مثلاً: «إنْ» حرف توكيد تنصب الاسم وترفع الخبر؛ «لَنْ»: حرف نفي ونصب واستقبال؛ «أن»: حرف مصدري ينصب الفعل المضارع؛ «لَمْ»: حرف نفي يجزم المضارع ويقلبه ماضياً، ثم بعد الكلام على المفردات يتكلم عن الجمل، ألَهَا محلّ من الإعراب أم لا؟


  قوله: (علامة الرفع) من كونها ضمة ظاهرة أو مقدرة أو الواو والألف أو ثبوت النون، وقوله وعلامة النصب أي من كونها فتحة ظاهرة أو مقدرة أو الياء أو الكسرة أو حذف النون وقوله وعلامة الجزم أي من كونه السكون أو حذف النون أو حرف العلة. قوله: (كفى الخ) كفى فعل ماض وجسمي فاعل والباء فيه زائدة وإنني رجل مؤول بمصدر مفعول ونحو لا تمييز والبيت للمتنبي من قصيدة:

  أبلى الهوى أسفاً يوم النوى بدني ... وفرق الطعن بين الجفن والوسنِ

  قوله: (إنني رجل) محل هذا محل الشاهد فإن رجل خبر موطئ لأن من المعلوم أن المتكلم رجل فالقصد به التوطئة للوصف بعده قوله: (ولهذا) أي: لكون الخبر موطئاً غير مقصود لذاته قوله: (لا إليهما) أي: وإلا لقيل يجهلون ولولا مخاطبتي إياه بالغيبة فيهما لأن قوم ورجل كل منهما اسم ظاهر وهو من قبيل الغيبة. قوله: (بين نوعه) أعني كونه حرفاً ومعناه كالتوكيد النفي والمصدرية. قوله: (ثم بعد الكلام على المفردات) أي: بإعرابه لها وبيان معانيها وعملها.