فصل وأول ما يحترز منه المبتدئ
  الْقَارِعَةُ}، وذُكر لي عن رجل كبير من الفقهاء ممن يقرأ علم العربية أنه استشكل قول الشريف المرتضى [من الكامل]:
  ٩٠١ - أَتَبِيتُ رَيَّانَ الْجُفُونِ مِنَ الْكَرَى ... وَأَبِيتَ مِنْكَ بَلَيْلَةِ الْمَلْسُوعِ
  وقال: كيف ضَمَّ التاء من «تَبِيتُ» وهي للمخاطب لا للمتكلم؟ وفتحها من أبيتَ وهو للمتكلم لا للمخاطب، فبينت للحاكي أن الفعلين مضارعان، وأن التاء فيهما لام الكلمة، وأن الخطاب في الأول مستفاد من تاء المضارعة، والتكلم في الثاني مستفاد من الهمزة والأول مرفوع لحلوله محل الاسم، والثاني منصوب بـ «أن» مضمرة بعد واو المصاحبة على حد قول الحطيئة [من الوافر]:
  ٩٠٢ - أَلَمْ أَكُ جَارَكُمْ وَيَكُونَ بَيْنِي ... وَبَيْنَكُمُ الْمَوَدَّةُ وَالإِخَاءُ
  كسر التنوين أما إن فتح فهو نقل ورش. قوله: (ريان الخ) هو ضد العطشان والكرى النوم والملسوع الذي أصابه ذو بإبرته كالعقرب مثلاً وفي البيت استعارة تبعية حيث شبه امتلاء جفون المحبوب من النوم بالري وهو امتلاء الجوف من المذهب لمشقة العطش بجامع حصول الراحة في كل واستعير اسم المشبه به للمشبه واشتق من الري ريان بمعنى ممتلئ الجفون وفي البيت كناية وذلك انه كنى بليلة الملسوع عن ليلة السهر لأن السهر والأرق من لوازم ذلك وفيه طباق بين النوم المستفاد من الصدر صريحاً والسهر المستفاد من العجز كناية. قوله: (بأن مضمرة بعد واو المصاحبة) أي: في جواب الاستفهام. قوله: (على حد) أي: طريقة قول الحطيئة في كون المضارع فيه منصوباً بأن مضمرة بعد واو المصاحبة في جواب الاستفهام. قوله: (الحطيئة) أي: يخاطب الزبرقان وكان جارهم ثم انتقل إلى بني رفيع وأول القصيدة:
٩٠١ - التخريج: البيت للشريف الرضي في (ديوانه ١/ ٩٧؛ وحاشية الشيخ ياسين ١/ ١٨٤؛ والدرر ٤/ ٨٧؛ وبلا نسبة في شرح الأشموني ٣/ ٥٦٦؛ وهمع الهوامع ٢/ ١٣).
اللغة: الريان الذي شرب حتى ارتوى. الكرى: النوم والملسوع من ضربه عقرب بإبرته.
المعنى: كيف تنامين مرغدة الفكر هانئة البال، وأنا أتضور شوقاً لا أستطيع النوم كمن لسعه عقرب.
٩٠٢ - التخريج: البيت للحطيئة في (ديوانه ص ٥٤؛ والدرر ٤/ ٨٨؛ والردّ على النحاة ص ١٢٨؛ وشرح أبيات سيبويه ٢/ ٧٣؛ وشرح شواهد المغني ص ٩٥٠؛ وشرح ابن عقيل ص ٥٧٤؛ والكتاب ٣/ ٤٣؛ والمقاصد النحوية ٤/ ٤١٧؛ وبلا نسبة في جواهر الأدب. ص ١٦٨؛ وشرح الأشموني ٣/ ٥٦٧؛ ورصف المباني ص ٤٧؛ وشرح قطر الندى ص ٧٦؛ والمقتضب ٢/ ٢٧؛ وهمع الهوامع ٢/ ١٣).
المعنى: يقول الشاعر معاتباً قوم الزبرقان: ألم أكن في جواركم وكان بيني وبينكم مودة وأخوة؟