تنبيه - إذا قلت: «رويدك زيد» فإن قدرت:
  لا يستحقه ونسي ما تقدّم له.
  فإن قلت: فهل من ذلك قولُ الزمخشري في قوله تعالى: {وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ}[آل عمران: ١٥٤] الآية. قد «أهمتهم»: صفة لـ «طائفة»، و «يظنون» صفة أخرى، أو حال بمعنى قد أهمتهم أنفسهم ظانين، أو استئناف على وجه البيان للجملة قبلها، و «يقولون»: بدل من «يظنون»، فكأنه نسي المبتدأ؛ فلم يجعل شيئاً من هذه الجمل خبراً له.
  قلت: لعلّه رأى أن خبره محذوف، أي: ومعكم طائفة صفتهم كيت وكيت، والظاهر أن الجملة الأولى خبر، وأن الذي سوّغ الابتداء بالنكرة صفة مقدرة، أي: وطائفة من غَيْرِكم، مثل «السَّمْنُ مَنَوانِ بِدِرْهَم» أَي: مِنْه، أو اعتماده على واو الحال كما جاء في الحديث: «دَخَلَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلَامُ وَبُرْمَةٌ عَلَى النَّارِ».
  وسألت كثيراً من الطلبة عن إعراب «أَحَقُّ مَا سَأَلَ الْعَبْدُ مَوْلاهُ» فيقولون: «مَوْلاه» مفعول، فيبقى لهم المبتدأ بلا خبر؛ والصَّوابُ أنه الخبر، والمفعول العائد المحذوف: أي سأله؛ وعلى هذا فيقال: أحقُّ ما سأل العبدُ رَبَّه، بالرفع؛ وعكسه «إِنَّ مُصابَكَ
  لا يتعرض له. قوله: (ما تقدم له) أي: من المبتدأ قوله (وطائفة) مبتدأ. قوله: (قد أهمتهم صفة لطائفة) مقول قول الزمخشري. قوله: (أو حال) عطف على صفة. قوله: (أو استئناف) أي: أو ان يظنون استئناف وقوله للجملة قبلها أعني قد أهمتهم الخ. قوله: (قلت لعله رأى) حاصله أن كلام الزمخشري من هذا القبيل لاحتمال ان الزمخشري رأى أن الخبر محذوف فالمصنف لم يعترض على الزمخشري ولم يشنع عليه خلافاً للشارح في قوله في إيراد هذا من الإزدراء بالزمخشري ما لا يخفى ولم يكن إيراده بالذي يليق من المصنف والأدب مطلوب مع الأصاغر فضلاً عن الأكابر ورسوخ قدر الزمخشري في علوم اللسان وعلو شأنه فيها مما لا ينكره مصنف.
  قوله: (أي ومعكم طائفة صفتهم كيت) وكيت أي: أو ثمة طائفة أو فيكم طائفة على أن الخطاب للجمع من المؤمنين والمنافقين أو وطائفة أخرى لم يغشهم النعاس. قوله: (والظاهر ان الجملة الأولى) أي: قد أهمتهم خبراً وإن الأولى صفة وجملة يظنون خبر كما قال الزجاج قوله: (دخل وبرمة على النار) أي: فقول وبرمة مبتدأ. قوله: (والمفعول العائد لمحذوف) وفيه أنه أوقع ما على العالم ويمكن أن يجعل مولاه الخبر وتجعل ما مصدرية ويقدر في الآخر أي أحق سؤال العبد لأحد سؤال مولاه. قوله: (فيقال أحق ما سأل العبد ربه) أي: فأحق مبتدأ وما اسم موصول وسأل فعل ماض والعبد فاعل والمفعول العائد المحذوف وربه خبر. قوله: (وعكسه) أي من جهة أن المولى في الأول يتوهم أنه