حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

وهي إحدى عشرة قاعدة

صفحة 514 - الجزء 3

  والبرهان مذكَّر؛ ومثله {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا}⁣[الأنعام: ٢٣] فيمن نصب «الفتنة» وأنَّثَ الفعل.

  الثانية عشرة: قولهم: «عَلمْتُ زَيْدٌ مَنْ هُوَ» برفع «زيد» جوازاً، لأنه نفس «مَنْ» في المعنى.

  الثالثة عشرة: قولهم: «إنَّ أحداً لا يقول ذلك فأوقع» «أحداً» في الإثبات لأنه نفس الضمير المُسْتَتِر في «يقول»، والضمير في سياق النفي فكان أحد كذلك، وقال [من المنسرح]:

  فِي لَيْلَةٍ لا نَرَى بِهَا أَحَداً ... يَحْكِي عَلَيْنَا إِلا كَوَاكِبُهَا

  فرفع «كواكبها» بدلاً من ضمير «يحكي»، لأنه رجع إلى «أحداً»، وهو واقع في سياق غير الإيجاب، فكان الضمير كذلك.

  وهذا الباب واسع، ولقد حكى أبو عمرو بن العلاء أنه سمع شخصاً من أهل اليمن يقول: «فلانٌ لَغُوبٌ أَتَتْهُ كِتَابي فاحتقرها»، فقال له: كيف قلت: أتته كتابي؟ فقال: أليس الكتاب في معنى الصحيفة؟

  وقال أبو عبيدة لرُؤْبة بن العجاج لما أنشد [من الرجز]:

  ٩١٠ - فِيهَا خُطُوطٌ مِنْ سَوَادٍ وَبَلَقْ ... كَأَنَّهُ فِي الْجِلْدِ تَوْلِيعُ الْبَهَقَ


  قوله: (ومثله) أي: بطريق العكس؛ لأنه أنث هنا باعتبار الخبر، أي: أنه أنث الفعل أي: تكن، وإن كان الاسم مذكراً وهو المصدر المأخوذ من قوله ألا ان قالوا لكون الاسم مؤنثاً في المعنى. قوله: (علمت زيد) زيد مبتدأ. مبتدأ ثان وهو خبر عن من جملتها والرفع حمل زيد عليها، وأعطى حكمها فرفع فلا يرد أنه مفعول الثاني. قوله: (نفس من) أي: وهي مما يجب لها الصدارة بالابتداء، ولا يعمل فيها ما قبلها فكذا زيد.

  قوله: (فأوقع أحداً في الإثبات) أي: مع أنها لا تقع إلا في النفي. قوله: (لأنه نفس الضمير الخ) حاصله أن هذا الإثبات في معنى النفي، فلما كان بمعناه أعطي حكمه من وقوع أحد في سياقه. قوله: (يحكى علينا) أي: يتم علينا قوله: (فكان الضمير كذلك) أي: منفي هذا إذا كان ما بعد إلا بدلاً منه. قوله: (وهذا الباب) اكتساب الشيء من الشيء حكمه لكونه بمعناه قوله: (لغوب) أي: أحمق. قوله: (فيها خطوط) الضمير للخيل.


٩١٠ - التخريج: الرجز لرؤبة في (ديوانه ص ١٠٤؛ وأساس البلاغة (ولع)؛ والأشباه والنظائر ٥/ ٦٣؛ وتخليص الشواهد ص ٥٣؛ وخزانة الأدب ١/ ٨٨؛ وشرح شواهد المغني ٢/ ٧٦٤؛ ولسان العرب ٨/ ٤١١ (ولع)، ١٠/ ٢٩ (بهق)؛ والمحتسب ٢/ ١٥٤؛ وبلا نسبة في شرح شواهد المغني ٢/ ٩٥٥).