التنبيه الثاني: أنه ليس من أقسام «أما»
  التنبيه الثاني: أنه ليس من أقسام «أما» التي في قوله تعالى: {أَمَّاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ٨٤}[النمل: ٨٤] ولا التي في قول الشاعر [من البسيط]:
  أَبَاخُرَاشَةَ أَمَّا أَنْتَ ذَا نَفَرٍ ... فَإِن قَوْمِي لَمْ تَأْكُلُهُمُ الضَّبْعُ
  بل هي فيهما كلمتان، فالتي في الآية هي «أم» المنقطعة و «ما» الاستفهامية، وأدغمت الميم في الميم للتماثل؛ والتي في البيت هي «أن المصدرية و «ما» الزائدة، والأصل: لأن كُنت، فحذف الجار وكان للاختصار، فانفصل الضمير، لعدم ما يتصل به، وجيء بـ «ما» عوضاً عن «كان»، وأُدغمت النون في الميم للتقارب.
  (إمَّا) المكسورة المشدّدة - قد تُفتح همزتها، وقد تُبدل ميمها الأولى ياء، وهي مرد مركَّبة عند سيبويه من «إنْ» و «ما»، وقد تُحذف «ما» كقوله [من المتقارب]:
  ٨٢ - سَقَتْهُ الرَّوَاعِدُ مِنْ صَيْفِ ... وَإِنْ مِنْ خَرِيفِ فَلَنْ يَعْدَمَا
  وإلا لزم تقدم الخبر. قوله: (على تقدير للمحذوف) أي: ومثل هذا أما زيداً فإني ضارب والأصل مهما ذكرت زيداً فإني ضارب فما سبق من أن ذلك ممنوع لم ينظر لهذه الطريقة اهـ. تقرير دردير قوله: (أنه) أي: الحال والشأن قوله: (ليس من أقسام أما) أي: البسيطة التي الكلام فيها قوله: (هي أم المنقطعة) أي: بمعنى بل ولكن فيه أن أم الداخلة على الاستفهام لا تسمى متصلة ومنقطعة بل هي حرف لمجرد الإضراب وما ذكره المصنف من أن ما استفهامية فيكون بعدها ذا موصولاً ليس بمتعين لجواز أن يكون مجموع ماذا كلمة واحدة للاستفهام اهـ دماميني قوله: (هي أن المصدرية) فيه أن هذا مضاف لما قدمه من أنها في البيت شرطية كما قال قال الكوفيون اللهم لا أن يقال أورد الكلام هنا على رأي الجماعة لا على معتقد اهـ. دماميني. قوله: (ما نفصل الضمير) أي: فصار أن أنت (إما).
  قوله: (وقد تبدل ميمها الأولى ياء) أي: مع فتح الهمزة وكسرها كما قاله غير واحد لكنهم لم يذكروا شاهداً على الإبدال إلا مع الفتح ا. هـ. دماميني. قوله: (وهي مركبة عند سيبويه) وعند غيره بسيطة وهو الأصل قوله: (من إن) أي: الشرطية وما الزائدة وأدغمت الميم في النون للتقارب ثم إنها تجرد عن الشرطية التركيب قوله: (وقد تحذف ما) أي: وتبقى إن قوله: (سقته) أي: الوعل الرواعد صفة للسحاب جمع راعدة يقال رعدت
٨٢ - التخريج: البيت للنمر بن تولب في (ديوانه ص ٣٨١؛ والأزهية ص ٥٦؛ وخزانة الأدب ١١/ ٩٣ - ٩٥، ١٠١، ١١٠، ١١٢؛ وشرح شواهد المغني. ١٨٠؛ والكتاب ١/ ٢٦٧؛ والمعاني الكبير ص ١٠٥٤؛ والمقاصد النحوية ٤/ ١٥١؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ١/ ٢٧٧، ٢٣٦؛ والجنى الداني. ص ٢١٢، ٥٣٤؛ وخزانة الأدب ٩/ ٢٥؛ والخصائص ٢/ ٤٤١؛ والدرر ٦/ ١٢٨؛ وشرح المفصل ٨/ ١٠٢؛ والكتاب ٣/ ١٤١؛ والمنصف ٣/ ١١٥).