حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

التنبيه الثاني: أنه ليس من أقسام «أما»

صفحة 164 - الجزء 1

  أي: إما من صيف وإما من خريف، وقال المبرد والأصمعي: «إنْ» في هذا البيت شرطية، والفاء فاء الجواب، والمعنى: وإن سقته من خريف فلن يعدم الري، وليس بشيء لأن المراد وَضفُ هذا الوَعِلِ بالريّ على كل حال، ومع الشرط لا يلزم ذلك، وقال أبو عبيدة: «إنْ» في البيت زائدة.

  وإما عاطفة عند أكثرهم، أعني «إمَّا» الثانية في نحو قولك: «جاءني إمَّا زَيْدٌ وإِمَّا عمرو»، وزعم يونس والفارسي وابن كَيْسان أنها غيرُ عاطفة كالأولى، ووافقهم ابن مالك، لملازمتها غالباً الواو العاطفة، ومن غير الغالب قوله [من البسيط]:


  السحابة إذا سمع صوت الرعد ويقال أرعدت بالهمزة والصيف بالتشديد مظهر الصيف وقوله من صيف حذف منه، أما الأولى وقوله من خريف أي من مطر الخريف. قوله: (أي إما من صيف الخ) أي: فحذف أما من الأولى وما من الثانية قوله: (وصف هذا الوعل) بفتح الواو والعين المهملة وبضم الواو وكسر العين كدئل وبفتح الواو وكسر العين مثل كنف والمراد به تيس الجبل قوله: (بالري) أي: عدم العطش. قوله: (لا يلزم ذلك) إذ يصير يعني انتفاء العطش معلقاً بشرط سقي السحائب له في الخريف ومفهومه ثبوت العطش عند انتفاء هذا الشرط وهو منافٍ للغرض وفيه نظر لأنا نسلم إن المقصود وصف هذا الوعل بالري على كل حال، وإنما الغرض بيان حاله بحسب الواقع فأخبر أولاً بما وقع من سقي سحائب الصيف له، ثم أخبر بأن سحائب الخريف إن سقته بعد ذلك حصل له الري المستمر، ولو سلم إن المقصود ما ذكر من وصفه بالري دائماً فمع الإتيان ما التي هي لأحد الشيئين لا يلزم ذلك إلا أن يقال إنها لتفصيل المسقي منه مع دوام أصل السقي.

  قوله: (زائدة) أي: وعلى هذا يتخرج ما ذكره المصنف من وصف ذلك الوعل بالري على كل حال لكن فيه أنه يعهد زيادة أن بعد العاطف. قوله: (عند أكثرهم) أي: النحويين. قوله: (يعني) أي: هذا القائل بذلك. قوله: (ووافقهم ابن مالك) ولذا قال في الألفية. ومثل أو في القصد إما الثانية. أي في المعنى المقصود لا في العطف. قوله: (لملازمتها غالباً الواو العاطفة) أي: ولا يدخل عاطف على عاطف لأن وقوعها بعد الواو مسبوقة بمثلها شبيه بوقوع لا بعد الواو مسبوقة بمثلها في مثل لا زيد ولا عمرو فيها ولا هذه غير عاطفة بإجماع فتلكن إما كذلك قلت: صرح ابن الحاج في «شرح المفصل» بأن مجموع قولنا، وإما هو العاطف في جاء إما زيد وإما عمرو، قال ولا يبعد أن تكون كلمة مستقلة حرفاً في موضع وبعض حرف في موضع آخر كيا مع أيا وهيا وعلى هذا فلا يرد شيء مما احتجوا به اهـ. دماميني. قوله: (ومن غير الغالب) وهو استعمال إما بدون


= اللغة: الرواعد: السحب التي تكون مصحوبة بالرعد الصيف: مطر يهطل صيفاً.

المعنى: يتحدث عن وعل ذكره في أبيات سابقة، فقد هطلت الأمطار في الصيف فشرب منها وارتوى، ولن يعدم الماء في فصل الخريف كذلك.