حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

وهي إحدى عشرة قاعدة

صفحة 532 - الجزء 3

  لي منك مَبَرَّةٌ، قال: وأما قول الفقهاء: «آلى من امْرَأته» فغلَط أوقَعَهُمْ فيه عدم فهم المتعلّق في الآية، وقال أبو كبير الهذلي [من الكامل]:

  ٩٢٢ - حَمَلَتْ بِهِ فِي لَيْلَةٍ مَزْؤُودَةٍ ... كَرْهاً، وَعَقْدُ نِطَاقِهَا لَمْ يُحلل

  وقال قبله [من الكامل]:

  مِمَّنْ حَمَلْنَ بِهِ وَهُنَّ عَوَاقِدٌ ... حُبُكَ النِّطَاقِ فَشَبَّ غَيْرَ مُهَبَّلِ

  مزؤودة: أي: مذعورة، ويُزوى بالجر صفة لـ «ليلة» مثل {وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ ٤}


  قوله: (لي منك مبرة) أي: مبرة كائنة لي وكائنة منك قوله: (عدم فهم المتعلق) أي: عدم فهمه فهماً صحيحاً إذ فهموا ان قوله من نسائهم متعلق بيؤلون. قوله: (وقال أبو كبير) أي: في وصف ربيبه تأبط شراً، والنطاق بكسر النون شقة تلبسها المرأة فيشد وسطها، ثم ترسل الأعلى على الأسفل إلى الركبة والأسفل ينجر إلى الأرض، وإنما ذكر أن أمه كانت مكرهة، لأن ذلك عند العرب من الحالات التي تقتضي نجابة الولد ومن كلام بعضهم إذا أردت أن تنجب الولد أي تأتي بالولد نجيباً كريماً فأغضبها عند الجماع بحيث تكون كارهة له وكان السبب فيه أن غضب المرأة في تلك الحالة يكسر سورة شهوتها فلا يكون لها في الولد حظ كامل ويكون كمال الشهوة لأبيه فيكتسب بذلك إتمام خصال الرجولية. قوله: (لم يحلل) أي: غير مفكوك وبعده:

  فأتت به حوش الفؤاد مبطناً ... سهداً إذا ما نام ليل الهوجل

  قوله: (ممن حملن) ضمير حملن للنساء، وإن لم يجر لهن ذكر؛ لأن المراد مفهوم وعواقد لحكاية الحال الماضية، ولهذا أعمله نحو وكلبهم باسط ذراعيه وإضافة حبك للنطاق من إضافة الصفة للموصوف، أي: النطاق المحبوك، أي: المنقوش والحبك شقة تشد به المرأة وسطها والحبك الطي والطريق في الرمل ونقش يشبهه وقوله: فشب، أي: فكان في زمن الشباب غير مهبل أي غير كثير اللحم من قولك هبله اللحم أثقله والضمير في به عائد على من باعتبار لفظها والمعنى أن هذا الفتى من الفتيان الذين حملت بهم الأمهات وهن غير مستعدات للفراش فنشأ محموداً مرضياً. قوله: (مزؤدة) بالزاي كما قاله الشمني وقوله: ويروى أي: وهو يروى؛ لأنه لا يروى إلا بالجر صفة أو بالنصب. قوله: (مثل والليل إذا يسرى) أي: مثله في الإسناد المجازي إذ الليل لا يخاف بل يخاف منه ولا


٩٢٢ - التخريج: البيت لأبي كبير الهذلي في شرح أشعار الهذليين ٣/ ١٠٧٢؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٨٧؛ ولسان العرب ١١/ ١٧٦ (حمل)؛ وله أو لابن جمرة في شرح شواهد المغني ١/ ٢٢٦، ٢/ ٩٦٤؛ ولسان العرب ١١/ ٢٦٧ (شمل).

اللغة: مزؤودة: مذعورة، خائفة النطاق: شقة تلبسها المرأة فتشد وسطها.

المعنى: إن الشاعر يقول: إنه ممن حملته أمه وهي مذعورة غير مستعدة للفراش فنشأ محموداً مرضياً، وقد كانت العرب تستحسن إتيان المرأة وهي مذعورة ليأتي الولد نجيباً.