حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

وهي إحدى عشرة قاعدة

صفحة 537 - الجزء 3

  [التحريم: ١٢]، والملائكة على إبليس حتى استثني منهم في {فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ}⁣[البقرة: ٣٤] وغيرها؛ قال الزمخشري والاستثناء متصل لأنه واحد من بين أظهر الألوف من الملائكة؛ فغلبوا عليه في {فَسَجَدُوا} ثم استثني منهم استثناء أحدهم؛ ثم قال: ويجوز أن يكون منقطعاً.

  ومن التَّغليب {أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا}⁣[الأعراف: ٨٨] بعد {لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا}⁣[الأعراف: ٨٨]، فإنّه عليه الصلاة والسلام لم يكن في ملنهم قط، بخلاف الذين آمنوا معه. ومثله {جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ}⁣[الشورى: ١١]، فإن الخطاب فيه شامل للعقلاء والأنعام؛ فغلب المخاطبون والعاقلون على الغائبين والأنعام؛ ومعنى {يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ} يبثكم


  من القانتين أي: المطيعين فعدت الأنثى من الذكور حيث جعلت بمنزلتهم في التعبير بلفظ يخص به الذكور وضعاً اهـ دماميني قوله: (في وكانت من القانتين) أي: فلو لم يغلب لقال من القانتات. قوله: (والملائكة) أي: وأطلق اسم الملائكة وهذا من تغليب الجنس الكثير الإفراد علي فرد من جنس آخر مغمور فيما بين تلك الأفراد بأن يطلق اسم ذلك الجنس متناولاً لذلك الفرد كقوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا}⁣[البقرة: ٣٤] الآية فإن إبليس داخل فيما أريد بلفظ الملائكة، ولذلك تناوله الأمر بالسجود، وكان استثناؤه من قوله تعالى: {فَسَجَدُوا} متصلاً على ما هو والأصل في الاستثناء قوله: (ويجوز أن يكون منقطعاً) وجهه أنه ليس بملك فلا يتناوله اسم الملائكة لكن ذكر الإباء والاستكبار يدل على أنه مأمور بالسجود تبعاً كالعامة العلماء، وإن لم يتناوله لفظ الملائكة. قوله: (ويجوز أن يكون منقطعاً) أي: بالنظر للمعنى الحقيقي أي نظراً لكونه ليس من الملائكة.

  قوله: (بخلاف الذين آمنوا معه) أي: فإنهم كانوا من أهل ملتهم فغلبوا في العود عليه وإن كان حقه أن لا يستعمل إلا في قومه، وفي الخطاب، أي: في قوله لتعودن تغليب أيضاً للاختلاط؛ لأن الخطاب في أو لتعودن حيث عبر بالجمع شامل لشعيب وللذين معه أن المخاطب إنما هو شعيب فقط، والحاصل أن الآية فيها تغليبان أحدهما تغليب أتباعة عليه في نسبة العود إلى تلك الملة وهذا مذكور في المتن والثاني تغليب شعيب في الخطاب عليهم حيث عبر بالجمع مع أن المخاطب هو فقط. قوله: (يذرؤكم فيه) أي: فإن الميم شامل للعاقل ولغيره فلولا أنه غلب لقال يذرؤكم ويذرؤكن وغلب الخطاب على الغيبة؛ لأن الكاف في يذرؤكم صادق بالإنعام الذي هو من قبيل الغيبة وصادق بالضمير المخاطب في لكم فلولا أنه غلب المخاطب لقال يذرؤكم وإياهن. قوله: (فإن الخطاب فيه) أي: في قوله يذرؤكم. قوله: (فغلب المخاطبون والعاقلون الخ) أي: ففي الآية تغليبان؛ لأن المعنى جعل لكم أي خلق لكم أيها الناس من أنفسكم أي: من جنسكم أزواجاً، أي: حلائل أو ذكوراً وأناثاً وخلق للأنعام من جنسها أزواجاً يذرؤكم،