حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (أما) بالفتح والتخفيف

صفحة 166 - الجزء 1

  منه وبدله نحو قوله تعالى: {حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ}⁣[مريم: ٧٥]، فإنّ ما بعد الأولى بدل مما قبلها.

  ولـ «إما» خمسة معان:

  أحدها: الشَّك، نحو: «جاءني إمَّا زَيْدٌ وإِمَّا عمرو»، إذا لم تعلم الجائي منهما.

  والثاني: الإبهام، نحو: {وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ}⁣[التوبة: ١٠٦]. والثالث: التخيير، نحو: {إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا ٨٦}⁣[الكهف: ٨٦]، {إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى ٦٥}⁣[طه: ٦٥]، ووهِمَ ابنُ الشَّجري، فجعل من


  منه) أي: ولا يعطف البدل على المبدل منه. قوله: (بدل مما قلبها) وهو يوعدون. قوله: للعطف (ولاما الخ) أي: الثانية التي هي للعطف صريح الألفية ولا مانع من نسبتها للأولى أيضاً لتلازمهما قوله: (خمسة معانٍ) التحقيق أنها موضوعة لأحد الشيئين أو الأشياء واستفادة المعاني من خارج لعلم التخيير من عدم الجميع والإباحة من إمكانه والشك من عدم علم المتكلم والتفصيل من إجمال الكلام قبلها وسيأتي تحقيق ذلك في آخر مبحث أو مكن في الكلام على أو ويقاس عليها إما.

  قوله: (خمسة معانٍ) زاد أبو حيان معنى سادساً وهو إيجاب أحد الشيئين في وقت دون آخر كقولك للشجاع إنما أنت طعن إما ضرب أي تارة كذا وتارة كذا ولم يذكر ابن مالك هذا المعنى لإما ولا للأول قوله: (أحدها الشك) الظاهر أن مراده بالشك التردد لا استواء الطرفين فقط. قوله: (والثاني الإبهام) أي: من المتكلم على السامع وهو المسمى بالتشكيك. قوله: (وآخرون) هم كعب بن مالك وهلال أمية ومرارة بن الربيع الذين تخلفوا عن غزوة تبوك فالله عالم بحقيقة حالهم لكن أبرز الكلام في قالب لا يجزم السامع معه بأحد الأمرين معيناً ولكن يشك. قوله: (إما أن تعذب الخ) المراد بالتعذيب القتل وباتخاذ الحسني الأسر لأنه بالنظر إلى القتل إحسان لما فيه من بقاء الحياة مدة، فإن قلت إن التي للتخيير لا بد وأن تقع بعد طلب ولا طلب هنا، قلنا التقدير والله أعلم، قلنا يا ذا القرنين افعل إما أن تعذب وإما أن تتخذ الخ، فالطلب لا يشترط التصريح به، وأن وصلتها بعد إما الأولى في محل نصب على المفعولية بالفعل المحذوف، وما بعد إما الثانية معطوف على الأول أي افعل إما تعذيبهم وإما اتخاذ الحسنى فيهم اهـ. دماميني. قوله: (إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسناً) أي: لأن التي للتخيير يمتنع فيها اجتماع الشيئين وهنا لا يصح اجتماع التعذيب واتخاذ الحسنى اهـ. تقرير دردير قوله: (إما أن تلقي) أن وصلتها في محل نصب على المفعولية بفعل مقدر أي اختر القاءك أو لا أو كوننا الملقين أو لا يصح في محل رفع خبراً لمحذوف أي الأمر القاؤنا أو القاؤك اهـ. دماميني.

  قوله: (ووهم ابن الشجري فجعل من ذلك إما يعذبهم الخ) أي: مع أنها من قبيل