· (أو) - حرف عطف
  ومن الغريب أن جماعة - منهم ابن مالك - ذكروا مجيء «أو» بمعنى الواو، ثم ذكروا أنها تجيء بمعنى «ولا»، نحو: {وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ}[النور: ٦١]، وهذه هي تلك بعينها، وإنما جاءت «لا» توكيداً للنفي السابق، ومانعة من توهم تعليق النفي بالمجموع، لا بكلِّ واحد، وذلك مستفاد من دليل خارج عن اللفظ وهو الإجماع، ونظيره قولُكَ: «لا يحل لك الزِّنَى والسرقة» ولو تركت «لا» في التقدير لم يضر ذلك.
  قوله: (ما بين ملجم مهره) أي: ما بين رجل آخذ بلجام فرسه ورجل آخر آخذ بناصية فرسه بلا لجام فهو كناية عن شدة سرعتهم إلى الهيجاء قوله: (أو سافع) أي: فلو كانت أو هنا لأحد الشيئين لا تحل المعنى ما بين أحد الأمرين مع أن الأحد لا بينية له، والبينية لا تكون إلا لمتعدد فتعين أن تكون أو بمعنى الواو وقد يقال إن قوله ما بين الخ، أي: ما بين فريق ملجم الخ والفريق في حد ذاته متعدد فله بينية كما قالوا في قوله بين الدخول فحومل أي بين أجزاء الدخول اهـ. تقرير دردير قوله: (بمعنى ولا) أي: بمعنى واو بعدها لا النافية. قوله: (من بيوتكم) أي: من بيوت أولادكم وجعلها بيوتاً لهم لقوله #: «أنت ومالك لأبيك»، أما البيوت الأصلية فلا تحتاج لنص. قوله: (وهذه) أي: التي في الآية المتلوة أو التي جعلها بمعنى ولا. قوله: (وهذه الخ) اعتراض من المصنف على القائلين بذلك القول وحاصله أنا لا نسلم أن أو هنا بمعنى ولا بل هي هنا أو السابقة وهي التي لمطلق الجمع بمعنى الواو، وأن لا ليست من معنى أو بل هي لتوكيد النفي السابق ومانعه من تعلق النفي بالمجموع، أي فلما كان الأصل {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ}[النور: ٦١] الخ، ربما يتوهم أن الجناح إنما نفي عن الأكل من المجموع فأتينا بها في التقدير إشارة إلى أن النفي منصب على كل واحد وتعلق النفي بكل واحد ليس معلوماً من الآية بل من دليل خارجي وهو الإجماع فقدرنا لأجل أن توفق الآية الفقه من خارج المعلوم من الإجماع اهـ. تقرير دردير. قوله: (هي تلك) أي: التي بمعنى الواو. قوله: (وإنما جاءت لا) أي: في اللفظ الذي يفسرونها به في الآية. قوله: (توكيداً للنفي السابق) أي: فهي مستغنى عنها. قوله: (وذلك) أي: تعليق النفي بكل واحد. قوله: (وهو الإجماع) أي: القائم على إنه لا حرج على الإنسان في أن يأكل من بيت ولده ولا أن يأكل من بيت والده، وأما اللفظ الواقع في الآية فلا يدل على ذلك. قوله: (ونظيره) أي: في تقدير لا لتوكيد النفي قوله: (لا يحل لك الزنا والسرقة) أي: فيقال في التقدير ولا يحل لك السرقة فتأتي بلا لتشير إلى أن النهي منصب على كل واحد لا إلى أنها من معنى أو. قوله: (لم يضر ذلك) أي: لقيام الدليل على المراد وهو الإجماع
= المعنى: يقول: إنهم سريعو الاستجابة إلى من يستغيث بهم، فتراهم بين ملجم فرسه، وآخذ بناصية المهر منتظراً أن يؤتى باللجام.