حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (أو) - حرف عطف

صفحة 177 - الجزء 1

  وزعم ابن مالك أيضاً أن «أو» التي للإباحة حالَةٌ محلَّ الواو، وهذا أيضاً مردود، لأنه لو قيل: «جالِسِ الحَسَنَ وابن سيرين» كان المأمور به مجالستهما معاً، ولم يخرج المأمور عن العُهْدَة بمجالسة أحدهما، هذا هو المعروف من كلام النحويين، ولكن ذكر الزمخشري عند الكلام على قوله تعالى: {تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ}⁣[البقرة: ١٩٦] أن الواو تأتي للإباحة، نحو: «جالِسِ الْحَسَنَ وَابْنَ سِيرينَ»، وأنه إنما جيء بالفذْلكة دفعاً لتوهم إرادة الإباحة في {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ}⁣[البقرة: ١٩٦]، وقلده في ذلك صاحبُ الإيضاح البَيَانِي، ولا تُعرف هذه المقالة لنحوي.


  على أنه لا يحل كل واحد من الزنا والسرقة على الإطلاق مجتمعين أو مفترقين.

  قوله: (حالة محل الواو) أي: فالأصل في الإباحة الواو على كلامه. قوله: (جالس الحسن وابن سيرين) أي: بالواو. قوله: (كان المأمور به مجالستهما) أي: جميعاً. قوله: (ولم يخرج المأمور عن العهدة بمجالسة أحدهما) هذا مشكل إذ لا عهدة على المخاطب مع كون الأمر للإباحة، وهو لا إلزام فيه بالفعل ولا صرح فيه بالترك، وقرر بعضهم أن قوله كان المأمور به مجالستهما أي قالوا وحينئذ لمطلق الجمع لا للإباحة، والأمر لإلزام مجالسة كل منهما ولو عبر بأو كانت الإباحة مجالسة أحدهما مع جواز اجتماعهما. قوله: (هذا) أي: ما ذكرناه من أنه فرق بين أو التي للإباحة وبين الواو، وأن الواو لا تأتي للإباحة قوله: (هذا هو المعروف) أي: هذا الذي ذكرناه من التفريق بين العطف بأو والعطف بالواو بعد أمر الإباحة على الوجه المذكور آنفاً هو المعروف. قوله: (ولكن ذكر الزمخشري الخ) هذا استدراك على ما يتوهم من انفراد ابن مالك بما ذكر فاستدرك بأنه منقول عن الزمخشري. قوله: (بالفذلكة دفعا لتوهم الخ) قال السعد الفذلك من الحساب أن تذكر تفاصيل ثم تجمل فيقال فذلك كذا والمراد بها هنا قوله تلك عشرة ولا يقال مقتضى ذلك أن يقال الفذلكة لأن أصلها من ذلك منتحتة منها، ثم جعل علماً على ما ذكر اهـ تقرير دردير.

  قوله: (وسبعة إذا رجعتم) حتى لو صام الثلاثة فقط أو السبعة فقط أجزأه. قوله: (صاحب الإيضاح البياني) هو الخطيب القزويني صاحب تلخيص المفتاح وقوله: الإيضاح البياني أي المصنف في البيان واحترز به من الإيضاح المصنف في النحو لأبي علي الفارسي. قوله: (ولا تعرف هذه المقالة) وهي كون الواو تأتي للإباحة لنحوى فيه أنها معروفة لبعضهم فقد قال السيرا في «شرح الكتاب» ومما تقع فيه الواو بمعنى الإباحة كرجل أنكر على ولده مجالسة ذوي الزيغ والريب، وأراد أن يعدل به إلى مجالسة غيرهم فقال له دع مجالسة أهل الريب وجالس القراء والفقهاء وأصحاب الحديث بل وممن قال إنها للإباحة المصنف في «حواشيه» على التسهيل، فإن قلت كيف شاركت الواو أو في أن كلا للإباحة مع أن بعضهم فرق بين جالس الحسن وابن سيرين وقولك أو ابن سيرين، قلت: الصواب إنه لا فرق فإنه إذا قيل بالواو كانت للجمع بين المتعاطفين في معنى