حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

تنبيه - ليس من أقسام (إلا)

صفحة 202 - الجزء 1

  وإنما المحفوظ «وما الدهر» ثم إن صحت روايتُه فَتُخَرَّج على أن «أرى» جواب لقسم مقدر، وحذفت «لا» كحذفها في {تَاللَّهِ تَفْتَأُ}⁣[يوسف: ٨٥]، ودلّ على ذلك الاستثناءُ المُفَرَّغ. وأمَّا بيت ذي الرمة فقيل: غلط منه، وقيل: من الرواة، وإن الرواية «آلا» بالتنوين، أي شخصاً، وقيل: «تنفكُ» تامة بمعنى: ما تنفصل عن التعب، أو ما تَخْلُصُ منه، فنفيها نفي ومناخة: حال. وقال جماعة كثيرة: هي ناقصة والخبر «على الخَسْف» و «مناخة» حال، وهذا فاسد، لبقاء الإشكال، إذ لا يقال: «جاء زيد إلا باكياً».

  تنبيه - ليس من أقسام (إلا) التي في نحو {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ}⁣[التوبة: ٤٠]، وإنما هذه كلمتان «إن» الشرطية و «لا» النافية، ومن العجب أن ابن مالك على


  إلا على زيادتها أي أرى الدهر منجنونا أو دولاباً أي مثله قوله: (وإنما المحفوظ الخ) اعتراض علي ابن مالك لأنه إذا كان المحفوظ روايته وما الدهر فلا استثناء من الإيجاب وعليه ففي الكلام حذف أي وما الدهر إلا يدور دوران منجنون لأن ما الحجازية لا تعمل إذا انتقض نفيها. قوله: (فيتخرج الخ) أي: من طريق الجمهور ينكرون الزائدة التي بمعنى الواو. قوله: (جواباً لقسم مقدر) أي: والمعنى والله لا أي الدهر إلا منجوناً أي كدولاب.

  قوله: (على ذلك) أي: حذف لا. قوله: (لاستثناء المفرغ) إذ لا يكون إلا بعد نفي.

  قوله: (غلط منه) أي: حيث أتى بالاستثناء المفرغ في الإيجاب ولكن كون ذي الرمة يغلط بعيد وكذا غلط الرواة إذ هم عدول فهذان الجوابان بعيدان إلا أن يراد بالغلط شذوذ. قوله: (إلا بالتنوين) أي: على إنه اسم لا حرف. قوله: (أي شخصاً) بمعنى شاخصة أي تستمر شاخصة قوله: ما تنفصل أي أن هذه النوق ما تنفصل عن التعب إلا كونها مناخة. قوله: (فنفيها نفي) أي: النفي الداخل عليها نفي أي مستمر على حاله بخلاف الناقصة فإن نفيها إيجاب. قوله: (لبقاء الإشكال) وهو وجود الاستثناء المفرغ بعد إيجاب وفيه أيضاً تقديم الحال على عاملها المعنوي وهو على الخسف لأن مناخة حال من الضمير المستكن على الخسف وفيه أيضاً تقديم الاستثناء المفرغ على العامل وقد أجاب ابن الحاجب عن الفساد بأن الاستثناء المفرغ من الإيجاب جائز إذا كان فضلة بخلاف ما لو كان المستثنى خبراً وكان الكلام مفيداً بخلاف ضربت إلا زيداً لأنه يتأتى ضرب جميع الناس نحو قرأت إلا يوم الخميس أي قرأت في كل يوم إلا يوم الخميس، وهنا كذلك لأن الحال فضلة والكلام مفيداً تقرير دردير قوله: (ومن العجب الخ) لا عجب أصلاً إذ ابن مالك لم يقل ذلك، وإنما كلامه يوهمه لأنه قال حيث عرف المستثني بأنه المخرج بإلا أو إحدى


= ١/ ١٩٧؛ وشرح المفصل ٨/ ٧٥؛ والمقاصد النحوية ٢/ ٩٢؛ وهمع الهوامع ١/ ١٢٣، ٢٣٠).

شرح المفردات: المنجنون: الدولاب الذي يستقى عليه، وهو مؤنث.

المعنى: يقول: إنّ الدهر يدور بالناس كما يدور المنجنون، وأشدّ ما يتعذب في هذه الحياة هو صاحب الحاجات لكثرة العقبات التي تقف حجر عثرة أمام تحقيق أهدافه.