حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

خطبة المؤلف

صفحة 23 - الجزء 1

  ونقحتها، وأغلاطاً وَقَعَتْ لجماعة من المُعْرِبين وغيرهم فنبهت عليها وأصلحتها.

  فدونك كتاباً تُشَدُّ الرِّحَالُ فيما دونه، وتقف عنده فحولُ الرجال ولا يَعْدونه، إذ كان الوضع في هذا الغرض لم تسمح قريحة بمثالِهِ، ولم يَنْسُج ناسج على منواله.

  ومما حَتَّنِي على وضعه أنني لما أنشأتُ في معناه المقدمة الصغرى المسماة بـ «الإعراب عن قواعد الإعراب» حَسُنَ وَقْعُها عند أولي الألباب، وسار نفعها في جماعة


  قوله: (ونقحتها) أي: خلصتها مما يكره من الإشكال والالتباس. قوله: (وأغلاطاً) جمع غلط وهو خلاف الصواب قوله: (وأصلحتها) أي: بحيث يبين ما قال ويقول الصواب كذا وليس المراد أنه يجيب عنه؛ لأن الغلط خلاف الصواب ومتى كان يمكن الجواب عنه لا يكون كذلك تأمل. قوله: (فدونك الخ) الفاء فاء الفصيحة وهي المشعرة بشرط مقدر أي إذا كان الأمر كذلك فدونك؛ وقيل: هي المفيدة لمسبب قبلها، ودونك اسم فعل وكتاباً معموله وإنما لم يضمر مع أن المقام له لقصد التعظيم وتقوية داعي الأمور، وكان القياس على هذا أن يحكيه باللام العهدية لكنه نكره تفخيماً لشأنه، ويحتمل أن مفعوله محذوف أي فدونكه وكتاباً حال موطئة، والرحال جمع رحل يطلق على ما يستصحبه الإنسان في سفره من الأثاث وعلى رحل البعير وهو أصغر من القتب وهو كناية عن التعظيم وفي قوله فيما دونه سببية أي تشد الرحال بسبب ما دونه: فكيف به هو، وفحول الرجال جمع فحل وهو الكريم من ذكور الإبل، والمراد هنا أعاظم الرجال همة وأعلاهم شأناً. قوله: (ولا يعدونه) أي: لا يجاوزونه لكتاب أحسن منه إذ ليس أحسن منه. قوله: (إذ كان) علة لقوله تشد الخ. قوله: (في هذا الغرض) أي: الأمور السابقة التي تتبعها. قوله: (ينسج) بكسر السين وضمها مضارع نسج أي يضم السدى على اللحمة، وقوله على منواله المنوال هو الخشبة التي يقال لها المطوى والضمير راجع للوضع بمعنى الموضوع الذي هو المغني فشبه تأليفه بقزازة ثوب، وقوله على منواله ترشيح مستعار لطريقته. قوله: (ومما حثني الخ) الواو للاستئناف ولا يصح جعلها للعطف إذ لو عطفت على فدونك لا يناسب لما يلزم عليه من عطف الجملة الخبرية على الإنشائية، وإن عطفت على إذ كان لا يصح لأن المعطوف على العلة علة وهذه الجملة ليست علة، والحث هو الحض على الشيء مع الحمل على فعله بتأكيد وقوله على وضعه أي تأليفه أي الكتاب المفهوم من قوله ووضعت هذا التصنيف.

  قوله: (في معناه) وهو علم الإعراب وفي نسخة في هذا الغرض. قوله: (بالإعراب) المراد اللغوي وهو الإبانة والإظهار والمراد بالثاني الاصطلاحي وهو علم النحو لكن الإضافة في قواعد الإعراب للبيان إذ علم النحو هو القواعد، ويصح أن يراد به أجزاء المركبات على ما تقتضيه الصناعة النحوية. قوله: (الألباب) جمع لب بمعنى العقل. قوله: (وسار) أي: عم.