حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

· (إذا) على وجهين

صفحة 248 - الجزء 1

  أحدها لأبي بكر بن الخياط، وهو أن «إذا» ظرف فيه معنى «وجدت» و «رأيت»، فجاز له أن ينصب المفعول كما ينصبه «وَجَدت» و «رأيت»، وهو مع ذلك ظرف مخبر به عن الاسم بعده، انتهى.

  وهذا خطأ لأن المعاني لا تنصب المفاعيل الصحيحة، وإنما تعمل في الظروف والأحوال، ولأنها تحتاج على زعمه إلى فاعل وإلى مفعول آخر، فكان حقها أن تنصب ما يليها.

  والثاني: أن ضمير النصب استعير في مكان ضمير الرفع، قاله ابن مالك، ويشهد له قراءة الحسن {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}⁣[الفاتحة: ٥] ببناء الفعل للمفعول، ولكنه لا يتأتى فيما


  قوله: (أجدها لأبي بكر) أي: وقد وجه بذلك الكوفيون الذين ناظروا سيبويه، ولذا قال الزجاجي منكراً عليهم ومشغاً أن إذا عندهم بمنزلة النعامة قيل لها احملي قالت: أنا طائر قيل لها طيري قالت: أنا جمل فإذا كذلك قيل لها لم تنصبين الاسم الثاني فقالت: أنا بمعنى وجد فقيل لها انصبي المفعول الأول قالت أنا ظرف قوله: (فيه معنى وجدت) أي: أنه متضمن لمعناها وقوله فجاز له أي لإذا وقوله أن ينصب المفعول أي كما ينصبه وجدت ورأيت لتضمنه ما ينصب المفعول لا حيث ذاتها. قوله: (ظرف) أي: ظرف مكان خبر مقدم وهو مبتدأ مؤخر وأنها مفعل لإذا باعتبار ما تضمنته من وجدت. قوله: (يخبر به عن الاسم بعده) فالمعنى حينئذ ففي الحضرة وجدته أي الزنبور إياها وإنما قدر وجد بالنظر للتضمين وإلا فإذا ليس معنى وجد وقدر بالحضرة لأنها معنى إذا. قوله: (وهذا) أي: التوجيه الذي قاله ابن الخياط. قوله: (لأن المعاني) أي: الأسماء المتضمنة للمعاني. قوله (الصحيحة) أي الصريحة كما في نسخة أي ما ليس ظرفاً ولا حالاً كالمفعول به والمطلق والمفعول قوله: (وإلى مفعول آخر) أي: غير الذي نصبته في قوله فإذا هو إياها. قوله: (أن تنصب ما يليها) أي: على أنه مفعول ثان لها فكان حقه أن يقول فإذا إياها إياها قوله (استعير في مكان ضمير الرفع) أي: على كما استعير ضمير الرفع في مكان ضمير الجر في قولهم ما أنا كانت ولا أنت كأنا قوله: (استعير الخ) أليس المراد بالاستعارة البيانية وإنما عير بالاستعارة لأنه لما كان القياس أن يؤتى بضمير الرفع فأتى بضمير نصب كان كالاستعارة. قوله: (في مكان ضمير الرفع) أي: فإذا على هذا ليست خبراً وهي مبتدأ وإياها خبر، وإذا فجائية ولكن أتى بضمير النصب مكان ضمير الرفع. قوله: (ويشهد له) أي: لوضع ضمير النصب مكان ضمير الرفع.

  قوله: (إياك) مبتدأ أو تعبد بالتاء المثناة أو الياء خبر والأصل أنت تعبد فأتى بإياك مكان أنت وهذا ظاهر على أن تعبد بالتاء، وأما على الياء ففيه حذف والأصل أنت إله يعبد هكذا تردد الدماميني وجزم الشمني بأنه بالياء التحتية ويكون فيه التفات في الخبر من الخطب إلى الغيبة أو يقدر إله يعبد قوله: (ولكنه) أي: هذا التوجيه لا يتأتى الخ؛ لأنه لا