حاشية الدسوقي على مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،

محمد بن أحمد الدسوقي (المتوفى: 1230 هـ)

الفصل الثاني في خروجها عن الاستقبال

صفحة 264 - الجزء 1

  البقاء إنه يكون مدلولاً عليه بذلك فإنه إشارة إلى «النقر»، فمردود، لأدائه إلى اتحاد السبب والمسبب، وذلك ممتنع؛ وأما نحو: «فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُه إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ» فَمؤوّل على إقامة السبب مُقَام المسبب، لاشتهار المسبب، أي: فقد استحقَّ الثواب العظيم المستقر للمهاجرين.

  قال أبو حيان: ورد مقروناً بـ «ما» النافية، نحو: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ} الآية [الجاثية: ٢٥] و «ما» النافية لها الصدر، انتهى.

  وليس هذا بجواب وإلا لاقترن بالفاء، مثل: {وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ ٢٤}⁣[فصلت: ٢٤]، وإنما الجواب محذوف، أي عمدوا إلى الحجج الباطلة.


  قوله: (إشارة إلى النقر) أي: على حذف في الجر أي نقر يوم. قوله: (إلى اتحاد السبب والمسبب) ظاهر في أن أبا البقاء يقدر الجواب فإذا نقر في الناقور نقر فيه مع أن أبا البقاء غاية ما قال العامل ما دل عليه ذلك، والظاهر أن المراد ما دل عليه من حيث أنه مستعمل فيه لا أن هناك شيئاً محذوفاً دل عليه بل جملة الجواب فذلك الخ، والمعنى النقر إذا نقر في الناقور نقر يوم عسير نعم تضمن كلامه تقديم معمول المصدر وهو ظرف عليه، أما اتحاد السبب والمسبب على هذا فلا. قوله: (وأما نحو الخ) جواب عما يقال كيف يكون اتحاد السبب والمسبب ممتنعاً مع ورد في الحديث.

  قوله: (فمؤول على إقامة الخ) قد يقال يمكن إقامة السبب على كلام أبي البقاء والأصل إذا نقر في الناقور حصلت أهوال ونازع الشمني في سببية النقر للأهوال واشتهار ذلك فتأمل. قوله: (قال أبو حيان) أي: رداً على الأكثرين وقوله وورد أي الجواب مقروناً الخ. قوله: (الآية) أي: أقرا الآية، وإنما قال ذلك لأن خبر كان لم يتم إذ هو قوله إلا أن قالوا قوله: (لها الصدر) أي: فلا يعمل ما بعد فيما قبلها. قوله: (انتهى) أي: كلام أبي حيان.

  قوله: (وليس هذا) أي: قوله ما كان حجتهم بجواب حتى يرد على الأكثرين فهذا جواب من طرف الأكثرين على رد أبي حيان عليهم قوله: (وإلا لاقترن بالفاء الخ) وإلا يكن ليس بجواب بل كان جواباً لقائل أن يقول لا يلزم من اقتران الجواب هنا اقترانه هناك؛ لأن الشرط بأن وهي أصلية في بابها بخلاف إذا قال الرضى ولعدم أصالة إذا الشرطية جاز أن يكون جوابها جملة اسمية بغير فاء كما في قوله تعالى: {وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ ٣٧}⁣[الشورى: ٣٧] إذا علمت هذا تعلم أن ما قاله المصنف مجيباً عن اعتراض أبي حيان على الأكثرين إنما هو على مذهبه، أما على مذهب الرضى فالإيراد باق ما كان حجتهم هو الجواب اهـ تقرير دردير قوله: (وإلا لاقترن بالفاء) قرن المصنف جواب أن الشرطية باللام وهو ممنوع وسيأتي له في مواضع ويقع كذلك في كلام المؤلفين كثيراً ولا أعرف أحداً صرح بجوازه، ولأن وقفت له على شاهد.