الفصل الثاني في خروجها عن الاستقبال
  على التوسع وإسقاط الخافض وهو «على»، ولم يجعله من باب «زيداً ضَرَبْتُه» لأن التقدير: لا أطعمه و «لا» هذه لها الصدر فلا يعمل ما بعدها فيما قبلها، وما لا يعمل لا يفسر في هذا الباب عاملاً.
  والثالث: أن «لا» في الآية حرف ناسخ مثله في نحو: «لا رَجُلَ»، والحرفُ الناسخ لا يتقدمه معمول ما بعده، ولو لم يكن نافياً، لا يجوز «زيداً إِنِّي أضْرِبُ» فكيف وهو حرف نفي؟ بل أبلغ من هذا أن العامل الذي بعده مصدر، وهم يُطلقون القول بأن المصدر لا يعمل فيما قبله، وإنما العامل محذوف، أي: اذكر يوم، أو يعذبون يوم.
  حلفت على حب العراق أني لا آكله مدة الدهر وهذا كناية عن عدم سكناه فيه، وتاء آليت مفتوحة البيت للمتلمس يخاطب عمرو بن هند وكان المتلمس هجاه هو وطرفة بن العبد الذي هو ابن المتلمس بعد أن كانا نديمين له فكتب لهما كتابين إلى البحرين، وقال لهما كتبت لكما بصلة فاشخصا لتقبضاها فمرا بشيخ جالس على ظهر الطريق منكشفاً يقضي حاجته وهو مع ذلك يأكل ويتفلّى فقال أحدهما لصاحبه هل رأيت أعجب من هذا الشيخ فقال الشيخ ما ترى من عجب أخرج خبيثاً وأدخل طيباً وأقتل عدواً، وإن أعجب مني من يحمل حتف أنفه بيده وهو لا يدري فأوجس المتلمس في نفسه خيفة فلقيه غلام فقال أتقرأ يا غلام قال نعم فدفع له الكتاب فإذا فيه إذا أتاك المتلمس فاقطع يديه ورجليه واصلبه حياً فألقى المتلمس كتابه في النهر، ولحق بالشام يهجو عمراً. قوله: (وهو على) أي: والأصل حلفت على حب العراق لا أطعمه أي لا آكله الدهر ثم حذف الجار فانتصب الفعل على طريق التوسع والمراد بحب العراق حنطته. قوله: (ولم يجعله من باب زيداً ضربته) أي: وهو ما حذف فيه العامل على شريطة التفسير قوله: (لأن التقدير لا أطعمه) وهذا جواب القسم كما في قوله تعالى تالله تفتؤ أي لا تفتؤ. قوله: (ولا هذه) أي: الواقعة في صدر الجواب. قوله: (في هذا الباب) أي: باب النصب على شريطة التفسير ويعرف بباب الاشتغال. قوله: (الثالث الخ) هذا الإيراد خاص بالتنظير وحاصله إنه اجتمع موانع ثلاثة وكل واحد يقتضي منع عمل ما بعد لا فيما قبلها وهي أن لا حرف ناسخ وأيضاً حرف ناف وما بعد لا مصدر والمصدر لا يعمل فيما قبله. قوله: (أن لا في الآية) وهي يوم يرون الملائكة لا بشرى الخ. قوله: (لا يجوز الخ) أي: لأن أولها الصدارة. قوله: (فكيف) أي: فأولى إذا كان نافياً كما في الآية. قوله: (أبلغ الخ) المراد بل يزاد في الرد أن العامل الذي بعده مصدور إلا فلا وجه لكون هذا الوجه أبلغ مما قبله قوله: (بأن المصدر لا يعمل فيما قبله الخ) أجاب بعضهم بأن بعضهم جوز عمل المصدر فيما قبله في الظروف لاغتفار ذلك لكثرتها في الكلام وحينئذ فابن الحاجب ماضِ على ذلك القول. قوله: (وإنما العامل) أي: في يوم محذوف. قوله: (أي اذكر يوم) أي: فهو مفعول به قوله: (أو يعذبون يوم) أي: في
= شرح المفردات: آليت: أقسمت. حبّ العراق: ما ينبته من حبوب. أطعمه آكله.