الحادي عشر: التبعيض
  وقوله [من الكامل]:
  ١٤٩ - [فَلَثمت فاها آخذاً بِقُرُونِهَا] ... شُرْبَ النَّزِيفِ بِبَرْدِ مَاءِ الْحَشْرِجِ
  قيل: ومنه {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ}[المائدة: ٦] والظاهر أن الباء فيهن للإلصاق، وقيل: هي في آية الوضوء للاستعانة، وإن في الكلام حذفاً وقَلْباً؛ فإِنَّ «مَسَحَ» يتعدّى إلى المُزَالِ عنه بنفسه، وإلى المزيل بالباء؛ فالأصل: امْسَحُوا رؤوسكم بالماء، ونظيره
  البحر. قوله: (شربن) أي: السحائب بماء البحر ثم ترفعت أي ارتفعت وقوله: متى لجج أي من لجج خضر وهو بدل من ماء البحر يصف السحائب يشربها من ماء البحر، ثم ترفع وتمر مراً سريعاً مع صوت قوله: (آخذاً بقرونها) جمع قرن الخصلة من الشعر، وقوله: فلثمت بكسر الثاء وفتحها قوله: (النزيف) بنون وزاي المحموم والمعنى إني قبلتها ممسكاً بخصل شعرها شارباً ريقها شرباً مثل شرب المحموم من الماء البادر الذي يستخرج من مكان الحشرج وهو الرمل، وقيل: هو الكوز. قوله: (قيل ومنه وامسحوا برؤوسكم) أي: بعض رؤوسكم فالواجب يتأدى بمسح جزء من الرأس ولو قل وهو مذهب الشافعي. قوله: (فيهن) أي: الآيتين والبيتين. قوله: (للإلصاق) أي: وهو معناها الحقيقي المشهور فلا يعدل لغيره إلا يثبت لاسيما وقد أنكر ابن جني وجماعة ورودها للتبعيض قوله: (للإلصاق) وعليه فالمعنى في آية الوضوء امسحوا مسحاً ملاصقاً لرؤوسكم ولا يتأدى الواجب إلا بمسحها كلها لأن الرأس اسم لجميع العضو. قوله: (فإن مسح يتعدى إلى المزال عنه بنفسه) أي: والرأس مزال عنها الحدث المقدر قيامه بها، فكان القياس أن يتسلط عليها فعل المسح بدون باء وقوله: وإلى المزيل بالباء وهو هنا الماء الذي تمسح الرأس به، فالقياس أن يعدي الفعل المذكور إليه بالباء وإذا كان كذلك فالأصل الخ. قوله: (فالأصل امسحوا رؤوسكم بالماء)
= لتسقط غيثاً محيياً.
١٤٩ - التخريج: البيت لعمر بن أبي ربيعة في (ملحق ديوانه ص ٤٨٨؛ والأغاني ١/ ١٨٤؛ وجمهرة اللغة ص ١١٣٣؛ ولجميل بثينة في ملحق ديوانه ص ٢٣٥؛ ولجميل أو لعمر في البداية والنهاية ٩/ ٤٧؛ والدرر ٤/ ١٣٠؛ ولسان العرب ٢/ ٢٣٧ (حشرج)؛ ١٢/ ٥٣٣ (لثم)؛ ولعبيد بن أوس الطائي في الحماسة البصرية ٢/ ١١٤؛ والحيوان ٦/ ١٨٣؛ ولجميل أو لعمر أو لعبيد في شرح شواهد المغني ص ٣٢٠؛ والمقاصد النحوية ٣/ ٢٧٩؛ ولجميل أو لغيره في تهذيب تاريخ دمشق ٣/ ٤٠٦؛ ووفيات الأعيان ١/ ٣٧٠؛ وبلا نسبة في الاشتقاق ص ٣٩١؛ وإصلاح المنطق ص ٢٠٨؛ والجنى الداني ص ٤٤؛ وجواهر الأدب ص ٤٨؛ وعيون الأخبار ٢/ ٩٢؛ وهمع الهوامع ٢/ ٥١).
اللغة: لثمت: قبلت. قرون المرأة: جدائل شعرها. النزيف الشديد العطش، وقيل: السكران. الحشرج: الماء الذي يجري على الرضراض صافياً رقيقاً؛ (الرضراض: ما دق من الحصى)؛ وقيل هو الكوز.
المعنى: قبلت فمها وأنا أمسك بجدائلها وشربت من ريقها كعطشان وجد ماء صافياً، أو كسكران يشرب من كوز شرابه.