حرف جر لأربعة عشر معنى
  فإن عورض بقولك: «أحسِنُ بهِندِ» فالتاء لا تلحق صِيَغَ الأمر، وإن كان معناها الخبر. وقال ابن السراج: الفاعل ضميرُ الاكتفاء، وصحة قوله موقوفة على جواز تعلق الجاز بضمير المصدر، وهو قول الفارسي والرماني، أجازا: «مُرُورِي بزيد حسن وهو بعمرو قبيح». وأجاز الكوفيون إعماله في الظرف وغيره، ومنع جمهور البصريين إعماله مطلقاً، قالوا: ومن مجيء فاعل «كَفَى» هذه مجرداً عن الباء قول سُحَيم [من الطويل]:
  قوله: (فإن عورض الخ) حاصل المعارضة أن الفاصل أوجب ترك التاء أصلاً في أحسن بهند فلم يصرحوا بالتاء أصلاً للفاصل بالباء وحاصل الجواب أن أحسن صورته صورة أمر بخلاف كفى، فإنه ماض والقاعدة أن صورة الأمر لا تؤنث بالتاء فالموجب لترك التاء كونه صيغة أمر لا الفاصل. قوله: (فإن عورض) أي: هذا الدليل الذي استدلينا به على أن الفصل يبيح ترك التاء ولا يوجبه. قوله: (فإن عورض بقولك أحسن بهند) أي: فإن أحسن بمعنى أحسن الذي هو فعل ماض والباء فاصلة والتأنيث ممتنع فثبت أن الفاصل قد يوجب ترك التأنيث في بعض الصور فليكن كفى بهند من هذا القبيل. قوله: (فالتاء) أي: التي تدخل للدلالة على تأنيث الفاعل. قوله: (لا تلحق الخ) أي: فلذلك امتنع التأنيث في أحسن بهند رعاية لصيغة الأمر وهذا بخلاف كفى بهند، فإن الفعل فيه ماض ولا مانع من إلحاق العلامة له ولو كان معناه الخبر. قوله: (وإن كان معناها) أي: بحسب الأصل أي صار كذا وإلا فالتعجب إنشاء.
  قوله: (وقال ابن السراج) قول ثالث في المسألة. قوله: (ضمير الاكتفاء) ففي قولك كفى ضمير يعود على الاكتفاء المفهوم من المقام. قوله: (على جواز تعلق الجار الخ) أي: واستدل هؤلاء على الجواز المذكور بقوله. وما هو عنها بالحديث المترجم فإن قوله عنها متعلق بقوله هو الذي هو ضمير المصدر العائد على الحرب في قوله:
  وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم
  وما هو عنها الخ. قوله: (بضمير المصدر) قد يقال يجوز كون الجار يتعلق على قوله بمحذوف لا بضمير المصدر والمعنى كفى هو أي الاكتفاء في حال كونه ملتبساً بالله. قوله: (إعماله) أي: ضمير المصدر في الظرف وغيره نظراً إلى أن المضمر هو مفسره بحسب المعنى، والمفسر يعمل فكذا المفسر فيجوز عندهم ضربك زيداً أحسن وهو عمراً قبيح.
  قوله: (قالوا) أي: أصحاب القول الأول وهم الجمهور القائلون إن فاعل كفى تزاد فيه الباء غالباً. قوله: (ومن مجيء الخ) هذا مقابل الغلبة. قوله: (كفى هذه) أي: التي في نحو كفى بالله. قوله: (كفى هذه) أي: التي بمعنى حسب قوله: (سحيم) تصغير أسحم وهو الأسود وهو تصغير ترخيم بحذف الزوائد.